للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْحَدُّ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ نَكَلَ الزَّوْجُ عَنْ اللِّعَانِ أَتُحِدُّهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ مَكَانَهُ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قَالَ مَالِكٌ: إذَا نَكَلَ عَنْ اللِّعَانِ جَلَدْتُهُ الْحَدَّ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّ الزَّوْجَ قَذَفَهَا، وَالزَّوْجُ مُنْكِرٌ فَأَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ؟

قَالَ: إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ جُلِدَ الْحَدَّ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ رُؤْيَةً فَيَلْتَعِنَ.

قُلْتُ: وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ إذَا ادَّعَى رُؤْيَةً بَعْدَ جُحُودِهِ الْقَذْفَ؟

قَالَ: نَعَمْ، لِأَنَّهُ يَقُولُ: كُنْتُ أُرِيدُ أَنْ أَكْتُمَ، فَأَمَّا إنْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ فَأَنَا أَلْتَعِنُ، وَقَالَ بَعْضُ كِبَارِ أَصْحَابِ مَالِكٍ: إنَّهُ يُحَدُّ وَلَا يُلَاعَنُ لِأَنَّهُ لَمَّا جَحَدَ ثُمَّ أَقَرَّ أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ قَالَ: قَدْ رَأَيْتُهَا تَزْنِي وَهُوَ يَجْحَدُ، كَانَ إذَا جَحَدَ تَرَكَ الْمَخْرَجَ الَّذِي كَانَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ أَنَّهُ قَاذِفٌ فَكَانَ مَخْرَجُهُ اللِّعَانَ كَمَا قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ: {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاَللَّهِ} [النور: ٦] وَكَأَنَّهُ قَالَ حِينَ جَحَدَ أَنْ يَكُونَ قَالَ: قَدْ رَأَيْتُهَا تَزْنِي، ثُمَّ قَالَ: لَمْ أَرَهَا فَكَانَ مُكَذِّبًا لِنَفْسِهِ وَقَعَ عَلَيْهِ الْحَدُّ بِإِكْذَابِهِ لِنَفْسِهِ.

ثُمَّ قَالَ: أَنَا صَادِقٌ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ.

قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَذَفَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا فَبَانَتْ مِنْهُ وَتَزَوَّجَتْ الْأَزْوَاجَ ثُمَّ رَفَعَتْهُ إلَى السُّلْطَانِ أَيَحُدُّهُ أَمْ مَاذَا يَصْنَعُ بِهِ؟

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَمْ أَسْمَعْ فِيهِ شَيْئًا إلَّا أَنِّي أَرَى أَنْ يَلْتَعِنَ؛ لِأَنَّ الْقَذْفَ إنَّمَا كَانَ فِي مَوْضِعِ اللِّعَانِ، فَلَيْسَ تَرْكُهَا إيَّاهُ بِاَلَّذِي يُوجِبُ عَلَيْهِ الْحَدَّ وَلَكِنَّهُ إنْ دُعِيَ إلَى اللِّعَانِ فَلَمْ يَلْتَعِنْ فَقَدْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ، وَإِنَّمَا أَمَرْتُهُ أَنْ يَلْتَعِنَ؛ لِأَنَّ اللِّعَانَ كَانَ حَدُّهُ يَوْمَ قَذَفَهَا وَإِنَّمَا دُفِعَ عَنْهُ الْعَذَابُ إذَا لَاعَنَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمَرْأَةَ هَلْ يَلْزَمُهَا لِعَانُ الزَّوْجِ وَقَدْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْ النِّكَاحِ الَّذِي قَذَفَهَا فِيهِ وَتَزَوَّجَتْ ثُمَّ قَامَتْ عَلَيْهِ بِالْقَذْفِ؟

قَالَ: نَعَمْ، يُلَاعَنُ لِأَنِّي إذَا رَأَيْتُ عَلَيْهِ اللِّعَانِ إذَا لَمْ تَكُنْ تَحْتَهُ فَدَرَأْتُ عَنْهُ الْعَذَابَ لَمَّا الْتَعَنَ رَجَعَ عَلَيْهَا اللِّعَانُ فَإِمَّا أَبَرَأَتْ نَفْسَهَا وَإِمَّا حُدَّتْ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: هَذَا الْوَلَدُ الَّذِي وَلَدْته لَيْسَ هُوَ مِنِّي، فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: صَدَقْتَ لَيْسَ هُوَ مِنْكَ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: وَاللَّيْثُ لَا يَلْزَمُهُ الْوَلَدُ إذَا تَصَادَقَ الزَّوْجَانِ أَنَّ الصَّبِيَّ لَيْسَ بِابْنٍ لَهُ وَلَا يَنْتَسِبُ إلَيْهِ.

قُلْتُ: أَفَتُحَدُّ الْأُمُّ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ تُحَدُّ.

قُلْتُ: وَيَنْقَطِعُ نَسَبُ هَذَا الصَّبِيِّ بِغَيْرِ لِعَانٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ؟

قَالَ: نَعَمْ، كَذَلِكَ قَالَا وَقَالَهُ مَالِكٌ غَيْرَ مَرَّةٍ فِيمَا بَلَغَنِي.

قُلْتُ: فَإِنْ كَانَتْ تَحْتَهُ قَبْلَ أَنْ تَلِدَ هَذَا الْوَلَدَ بِعِشْرِينَ سَنَةً أَوْ أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ مِمَّا يَلْحَقُ بِهِ الْحَمْلُ، قَالَ: فَهُوَ عِنْدِي وَاحِدٌ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَسَمِعْتُ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ مِثْلَهُ وَقَدْ قَالَ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ: إنَّهُ لَا يَنْفِيهِ إلَّا اللِّعَانُ وَلَا يُخْرِجُهُ مِنْ الْفِرَاشِ الْمَعْرُوفِ وَالْعُصْبَةِ وَالْعَشِيرَةِ إلَّا اللِّعَانُ.

قَالَ: وَقَدْ رَوَى مَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَكْثَرُ الرُّوَاةِ يَرَوْنَ مَا قَالَ مَالِكٌ: إنَّهُ لَا يَنْتَفِي إلَّا بِلِعَانٍ.

فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ مَالِكٌ، لَا يَكُونُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَنْفِيَ وَلَدَهُ إذَا وَلَدَتْهُ امْرَأَتُهُ وَهُوَ مُقِيمٌ مَعَهَا بِبَلَدٍ يَرَى حَمْلَهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>