من أودع شيئًا, فجائز أن يقول: لفلان عندي ولفلان علي؛ لأنه عليه ما لم يهلك, وقد يودع, فيتعدى, فيكون عليه دينًا, فلا ألزمه إلا اليقين".
وقال الشافعي - رحمه الله - في هذا الكتاب أيضًا: "ولو قال: له علي ألف درهم وديعة, فكما قال؛ لأنه وصل, ولو سكت, ثم قال من بعد: وديعة وقد هلكت لم يقبل قوله؛ لأنه حين أقر ضمن, ثم ادعى الخروج فلا يصدق".
والفرق بين المسألتين: أنه في المسألة الأولى تلفظ بلفظ له ظاهر في الضمان, ويحتمل أنه تلفظ به لوجوب الرد, كما قال الشافعي رحمه الله, فإذا ردها, وفسر إقراره بها, فقد فعل ما حسب صرف لفظ إقراره إليه؛ لأنه من كان عنده وديعة, فجائز أن يقول: عندي, وجائز أن يقول: علي بمعنى وجوب الرد عليه, وإذا احتمل اللفظ معنيين رجعنا إلى صاحب اللفظ, والأصل براءة ذمته عن الضمان.
فأما إذا قال: لفلان علي ألف درهم وسكت, ثم فسر بالوديعة تفسيرًا منفصلًا, ثم ادعى تلف الوديعة فإنه لم يفعل فعلًا يمكن صرف لفظ إقراره إليه, فاستبقينا/ (١٧١/ أ) ظاهر إقراره للتضمين, والتغريم, ولو جاز تصديقه, وإسقاط الغرامة عنه, لجاز في كل إقرار مطلق مثل هذا, فيكون طريقًا إلى إبطال الأقارير, إذ لا يعجز المقر بعد تقدم إقراره المطلق عن