ألا ترى أنه لو رضي بها بعد البيان أقررناهما على النكاح، فإذا اختار الفسخ للغرور، فقد صار الغرور سببًا لتفويت البضع المملوك على المالك، وهذا جاء من جهة الغار، والتفويت منسوب إليه؛ فلذلك رجع عليه بالغرم في أحد القولين، فأما الغاصب إذا زوج المغصوب، فأصابها الزوج، أو أكرى الدار المغصوبة، فسكنها المكتري، ثم بان الغصب، وقامت البينة بالاستحقاق، فليس في انتزاع الدار من الساكن والجارية من الناكح تفويت ملك عليهما؛ لأن العقد في الأصل باطل، وهو المنتفع بمنافع الدار والمستمتع بمنافع البضع، فكان أولى الناس باستقرار الغرامة عليه؛ فلذلك لم نرجع بها على الغاصب الغار.
ووزان مسألة الغصب من الغرور في النكاح أن يتزوج الرجل جارية مغرورًا بحريتها، ثم يظهر الغرور، ويكون هذا الناكح واجدًا للطول، أو آمنًا من العيب، فتبين فساد النكاح، فإذا غرم الناكح عقرها لم يرجع بذلك العقر على الغاصب الغار؛ لأنه لم يملك بعضها ولم يتصور تفويت الملك عليه.
مسألة (٣٢٧): إذا غصب رجل ثوبًا قمته عشرون، فأبلاه فتراجعت قيمته بالإبلاء إلى عشرة، ثم تراجع السوق، فصار يساوي خمسة، فعليه أن يرده ويرد معه عشرة، وإن كان مقدار النقصان خمسة عشر.