القبض فيها منزلة شطر من شطري العقد، والقبض قد وجد في زمان المرض، وهو لو أراد ابتداء هبة لوارثه في هذا الزمان كانت باطلة.
فإن قال قائل: ألستم تزعمون أن القبض إذا وجد استند الملك إلى عقد الهبة؟ فإذا كان العقد في الصحة والقبض في المرض، وجب أن يكون العقد عقد صحة، لا عقد مرض.
قلنا: في هذه المسألة قولان: أحدهما: أن الملك يتعقب القبض، وهو المشهور.
والقول الثاني: إن الملك يستند إلى العقد على وجه التبيين، وهذه الهبة على القولين جميعا باطلة بتراخي القبض إلى المرض؛ لأنا وإن حكمنا بأن الملك يستند إلى القبض، فإن القبض هو الركن، وهو السبب في حصول الملك، وزمان القبض زمان منع هبة الوارث، والهبة للوارث باطلة في المرض؛ ولهذا قال - صلي الله عليه وسلم-: "لا وصية لوارث"، ونحل أمير المؤمنين أبو بكر الصديق عائشة - رضي الله عنها- جداد عشرين وسقا، فمرض قبل القبض، فقال أبو بكر - رضي الله عنه لعائشة-: "وددت لو كنت حزتيه، وإنما هو اليوم مال