قلنا: جعلنا التخيير والجواب كالإيجاب والاستيجاب, ولكن كان منتميًا إلى أصل آخر وهو: أصل التعليق, فإنا على هذا المذهب - الصحيح - نجعل لفظ التخيير في التقدير كقول الزوج لها: إن طلقت نفسك في المجلس على القرب فأنت طالق, وما كان أصله التعليق فالرجوع والندامة والعزل فيه محال.
فأما قول القائل: بعت منك كذا وكذا فإنه مجرد إيجاب إذ لا مدخل للتعليق في مثل هذا العقد.
فإن قال قائل: كيف جعلت التخيير منتميًا إلى التعليق وليس في صيغة العبارة تعليق؟
قلنا: الظاهر من هذه العبارة أن الزوج لما لم يرد أن يجعل طلاقها بمباشرته فوض الأمر إلى اختيارها لعلها تختار المقام, ولعلها تختار الفرق, فإن اختارت الفراق أوقعت الطلاق, وإن كانت غير مختارة للفراق لم توقع الطلاق, فصار اللفظ من هذا الوجه في تقدير التعليق, وإن كانت الصيغة صيغة التخيير في تحديد الملك ويجوز أن يأخذ لفظ التخيير حكم التعليق بالتقدير.
ألا ترى ما قال بعض مشايخنا - دون بعضهم - فيمن قال: إحداكما طالق ثلاثًا من غير تعيين بالقلب: إنه إذا بين واحدة منهما حكمنا بوقوع الطلاق عند البيان, لا عند اللفظ, واللفظ لفظ تخيير في الصورة والصيغة, ولكن جعلناه