والذي يدل على هذا الفرق: أن الشهود إذا شهدوا قبل استيفاء المال فلا تأثير لرجوعهم، وللخصم استيفاء ذلك المال، بخلاف ما لو رجعوا بعد قبول الشهادة وقبل قوله: حكمت.
[فأما الحدود فليست كذلك، ولكن إذا قال القاضي: حكمت] بشهادتهم، ثم رجع الشهود قبل استيفاء الحد سقط الحد، كما يسقط برجوعهم قبل الحكم، وهذه حقيقة قول العلماء: إن الحدود تسقط بالشبهات.
فإن قال قائل: فوائد لعانه غير مقصورة على دفع الحد عندكم، بل يتعلق بلعانه نفي النسب ورفع الفراش/ وإيجاب حد الزنا فلئن كان الحد يسقط بالشبهة، فليس للشبهة تأثير في هذه الأحكام، فيجب أن لا تقبلوا فيها لعانًا بعد نكوله، وقد قلتم إذا لاعن بعد النكول وإقامة بعض الحد تعلق بلعانه جميع هذه الفوائد، كما يتعلق بلعان لم يتقدمه نكول.
قلنا: هذه الأحكام وإن كانت تتعلق باللعان فأصل اللعان في الشرع حيث ورد إنما ورد بسبب القذف لدفع موجبه، قال الله تعالى:{والَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ ولَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاءُ إلاَّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ}، ولم يذكر ولدًا ولا رفع فراش، فصار دفع الحد أصلًا في اللعان، والحد يدرأ