أبطلت شهادتهما لأنهما] [يدفعان بشهادتهما ما شهد به عليهما"، ولم يقل؛ لأن شهادتهما شهادة قبل الدعوى, فظاهر هذا الكلام أنه جعل شهادتهما قبل الدعوى في هذه المسألة] شهادة لها حكم, بخلاف سائر الدعاوى.
وجرى كثير من أصحابنا على هذا الظاهر, وفصلوا بين دعوى العقوبات وبين دعوى الأموال المحضة فقالوا: إن الشهادة في العقوبات مسموعة قبل الدعوى: وليست بمسموعة في سائر الخصومات ما لم تتقدمها الدعوى, واستشهدوا على هذا بما قال الشافعي- رحمه الله-:
"لو أن رجلين شهدا على رجل بأنه سرق ألف درهم لفلان حبسته وسألت المشهود له: فإن ادعى المال قطعته, وإن قال: المال له لم أقطعه".
فكيف رأيت الشافعي قبل الشهادة السابقة على الدعوى في هذا الموضع, فكذا في الجنايات؛ لأنها عقوبة كما أن الحدود عقوبات, مع أن حدود الله تعالى مبنية على المساهلة والمسامحة بخلاف حقوق الآدميين.
ومن أصحابنا من يقول: إن هذه الشهادة المتقدمة على الدعوى مردودة, ولكن إذا سألناه عن البينتين فربما يصدقهم جميعًا, أو يصدق /الثانية دون الأولى, (٢٧٤/ب) فتسقط دعواه؛ لما تضمنت من تكذيب نفسه بنفسه, أو ربما كان له وكيلان