ثم اعلم أن الشافعي - رحمه الله - لم يفصل في المسألة التي حكيناها بين البيع بالعين، وبين البيع المرسل في الذمة، فإذا كانت البيوع من الغاصب بيوع الأعيان، لا بيوع الذمة، فطريق الوقف والإجارة/ مسلوكة معلومة للمصلحة، كما فسرنا وقررنا.
وأما إذا كانت بيوع الغاصب التي عقدها - وكان فيها مشتريًا - عقودًا في الذمة، لكنه وفي الأثمان من المال المغصوب فالقياس الجلي في هذه العقود أنها وقعت له دون مالك الأثمان، وعلى الغاصب أن يغرم الأثمان، غير أن المصلحة التي ذكرناها إذا راعيناها جوزنا للمالك الأثمان، غير أن المصلحة أن يأخذ جميع الأعيان التي وفي أثمانها من ماله مخافة ما ذكرنا أن يغصب الرجل دراهم الناس ودنانيرهم، فيشتري السلع، في الذمة وتوفي أثمانها من تلك الدراهم والدنانير، ثم إذا استكثر الأرباح واستفضل رد على الملاك أصل دراهمهم ودنانيرهم، وفي ذلك ضرر على الناس، ولولا أن البائعين شاهدوا في يده تلك الأثمان؛ لما عاملوه؛ ولما بايعوه، والعقد وإن كان في الذمة، فغير بعيد أن تصير الأثمان التي في يد المشتري محلًا لتعليق حقوق تلك العقود.