قال أبو العباس رحمه الله: ولو كانت المسألة بحالها فغسل هذا الثوب الذي سال منه الماء متغيرًا غسله ثانية يعني بماء آخر سوى الذي في الإناء ثم عصره فسال ماؤه غير متغير فقد طهر الثوب، والماء طاهر إلا أنه مستعمل فإن عصر على الماء الأول واجتمعا في الإناء فظهرت الرائحة أو اللون أو الطعم عليهما فهما نجسان، وإن لم يظهر نظرت: فإن كان الماءان اجتمعا دون القلتين وكان الماء الأول بحيث يغيب أجزاؤه في الماء الثاني فهما طاهران وحكمهما (حكم المستعمل الثاني، أو كانت) أجزاء الثاني فيه فهما نجسان، ولا يطهران أبدًا إلا بما تغيب أجزاؤهما فيه (أو بما يبلغ مقدارهما) قلتين.
وإنما فصل أبو العباس - رحمه الله - بين الحالتين؛ (لأن النجاسة الأولى إذا غاب أجزاؤها) في أجزاء الطاهر الوارد عليه صار الحكم للطاهر الغالب، وإذا غاب أجزاء الطاهر في أجزاء النجس صار الحكم للنجس.
قال صاحب الكتاب رحمه الله: غير أن ما ذكره مشكل من وجه وهو: أن الماء الثاني الذي طهر الثوب مستعمل وإن كان غير متغير - والماء المستعمل في النجاسة/ (٣٣ - أ) والحدث والمائعات له حكم الطهارة وليس له حكم التطهير، فإذا ورد على الماء الأول استحال الحكم بطهارتهما - وإن دخل أجزاء الأول في أجزاء الثاني - إلا أن يقول قائل: إن حكم الماء (النجس إذا بلغ قلتين) أخذ حكم