عاش المؤلف كمال الدين الدّميري، في عصرين متجاورين، هما عصر دولة المماليك البحرية والمماليك البرجية، وقد عاصر من سلاطين الفترتين اثني عشر سلطانا ابتداء من عهد الملك الصالح إسماعيل بن محمد بن قلاوون الذي تقلد السلطنة سنة ٧٤٣ هـ حتى ٧٤٥ هـ، وانتهاء بالملك الناصر فرج بن برقوق المتوفى سنة ٨١٤ هـ.
[الحال السياسية:]
وإذا كانت الفترة الأولى قد تميّزت بنوع من الاستقرار السياسي، خصوصا في بداياتها أيام بيبرس وقلاوون وابنه حسن، فإن هذا الأمر لم يكن متاحا دائما في الدولة الثانية، ولو أن العصر شهد سلاطين أقوياء مثل برقوق، وبرسباي، وغيرهما. ولكن الاضطرابات الداخلية لم تتوقف طيلة العصر، بسبب الشهرة إلى السلطة والتنافس عليها والحسد، وكثيرا ما كان يثور حاكم المنطقة ضد سلطانه، وكذلك القواد وكبار الأمراء، وكان الاستيلاء على السلطة في أي وقت أمر متاح للقادة الكبار في الجيش لأن السلطة شبه عسكرية، مركزية، والقواد العسكريون، يتمتعون بنفوذ واسع. والخليفة لا يملك إلا الاسم والتوقيع فحسب. وكذلك عامة الناس كانوا أبعد ما يكونون عن المتغيرات السياسية، وهم الذين يتحملون أوزار الانقلابات العسكرية والثورات دائما.
[الحروب والأوضاع العسكرية:]
خاض المماليك، في الدولة البحرية، ومنذ قيامها، حروبا عدة مشرفة، كان أولها معركة عين جالوت سنة ٦٦٢ هـ التي أوقفت الزحف المغولي ووضعت له حدا، بل تراجع المغول بعد تلك المعركة منهزمين نحو الشرق، وتوالت المواجهات بعد ذلك، أيام الظاهر بيبرس الذي أمضى