أو ظهور عارض من الجان، فإن نهيق الحمار يدل على رؤية الشيطان لأن السنة وردت بالتعوذ من الشيطان الرجيم عند سماع صوته، وقيل سماع صوته دعاء على الظلمة. ومن رأى حمارا موقورا دخل منزله، فإنه خير يسوقه الله إليه على قدر جوهر ذلك الحمل. ولبن الحمارة خصب في تلك السنة وربما دل الشرب منه على مرض شاربه ثم ينجو منه. ولحم الحمار مال لمن أكله. وحمار المرأة زوجها فإن مات طلقها أو مات زوجها. ومن صارع حمارا مات بعض أقاربه ومن رأى حماره صار فرسا نال خيرا من السلطان، وإن صار بغلا نال خيرا من سفر. ومن حمل حماره في المنام نال خيرا وقوّة في السعادة، حتى يتعجب منه. ومن رأى له حافرا فذلك قوة في المال والتصرف وكذلك الخف ومن سمع صوت الحوافر من غير أن يرى شيئا من البهائم. فإنها أمطار ويعبر الحمار برجل جاهل. وربما دلت رؤيته على الولد من الزنا.
ومن رأى حمارا نزل من السماء فدس ذكره في دبره نال مالا عظيما يستغني به. لا سيما إذا كان الرائي ملكا، والحمار أسود أو أدهم والله أعلم.
[الحمار الوحشي:]
ويسمى الفراء ويقال حمار وحش وحمار وحشي، وهو العير وربما أطلق العير على الأهلي أيضا والحمار الوحشي شديد الغيرة، فلذلك يحمي عانته الدهر كله ومن عجيب أمره أن الأنثى من هذا النوع إذا ولدت ذكرا كدم الفحل خصيتيه، فالأنثى تعمل الحيلة في الهرب منه حتى يسلم. وربما كسرت رجل التولب كي لا يسعى ولا تزال ترضعه إلى أن يكبر فيسلم من أبيه وأشار إلى ذلك الحريري بقوله في المقامة الثالثة عشرة:
يا رازق النعاب في عشه ... وجابر العظم الكثير المهيض
أتح لنا اللهم من عرضه ... من دنس الذم نقى رحيض
وسيأتي هذا إن شاء الله تعالى في باب النون في النعاب ويقال: إن الحمار الوحشي يعمر مائتي سنة وأكثر.
وذكر ابن خلكان في ترجمة «١» يزيد بن زياد أن بعض الجند حدث أنهم نزلوا على جرود، فاصطادوا من حمر الوحش شيئا كثيرا، وذبحوا منها حمارا وطبخوا لحمه الطبخ المعتاد، فلم ينضج فزيد في الإيقاد عليه يوما كاملا فلم ينضج، فقام بعض الجند وأخذ رأسه، وجعل يقلبه فرأى على أنذه وسما، فقرأه فإذا هو بهرام جور وموضع الوسم ظاهر أبيض، وهو بالقلم الكوفي. قال ابن خلكان: وأحضروا الأذن عندي فوجدت الاسم ظاهرا وبهرام جور كان من ملوك الفرس قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم بزمان طويل، وكان من عادته إذا أخذ الصيد وسمه وأطلقه، والله تعالى يعلم كم كان عمر الحمار قبل الوسم. وهذا الحمار لعله عاش أكثر من مائتي سنة. وجرود قرية من قرى دمشق، وبأرضها من حمر الوحش شيء كثير، يجاوز الحصر وفي أرض جرود الجبل المدخن وإنما سمي هذا الجبل بالمدخن لأنه لا يزال عليه مثل الدخان من الضباب وقيل: إن الحمار يعيش أكثر من ثمانمائة سنة وألوان حمر الوحش مختلفة، والأخدرية أطولها عمرا وأحسنها شكلا. وهي منسوبة إلى أخدر، فحل كان لكسرى أردشير فتوحش، واجتمع بعانات فضرب فيها فالمتولد منها يقال له