للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعن عبد الواحد بن زيد، قال: سألت الله ثلاث ليال أن يريني رفيقي في الجنة، فقيل لي:

يا عبد الواحد رفيقك في الجنة ميمونة السوداء. فقلت: وأين هي؟ فقيل لي: هي في بني فلان في الكوفة. فذهبت إلى الكوفة أسأل عنها، فإذا هي ترعى غنما، فأتيت إليها، فطذا غنمها ترعى مع الذئاب، وهي قائمة تصلي، فلما فرغت من صلاتها قالت: يا ابن زيد ليس هذا الموعد، إنما الموعد الجنة. فقلت لها: وما أدراك أني ابن زيد؟ فقالت: أما علمت أن الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف. فقلت لها: عظيني. فقالت: واعجبا لواعظ يوعظ؟

فقلت لها: ما لي أرى أغنامك ترعى مع الذئاب؟ قالت: إني أصلحت ما بيني وبين الله، فأصلح ما بيني وبين غنمي والذئاب.

[فائدة]

: في الموطأ «١» عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، وزيد بن خالد الجهني رضي الله تعالى عنه، قالا: إن رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أحدهما: اقض بيننا يا رسول الله بكتاب الله تعالى، وقال الآخر: وكان أفقههما: أجل يا رسول الله اقض بيننا بكتاب الله، وائذن لي أن أتكلم. فقال له: «تكلم» فقال: إن ابني كان عسيفا على هذا فزنى بامرأته، فأخبروني أن على ابني الرجم، فافتديته من غنمي بمائة شاة وبجارية لي، ثم إني سألت أهل العلم فأخبروني أن على ابني جلد مائة وتغريب عام، وإنما الرجم على امرأته. فقال صلى الله عليه وسلم: «أما والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله تعالى، أما غنمك وجاريتك فرد عليك ويجلد ابنك مائة ويغرب عاما» .

وأمر صلى الله عليه وسلم أنيسا الأسلمي «أن يأتي امرأة الآخر فإن اعترفت فليرجمها فاعترفت فرجمها» . وهذا الحديث مذكور في الصحيحين.

وروى البخاري عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: قال عمر رضي الله تعالى عنه:

إن الله بعث محمدا بالحق، وأنزل عليه الكتاب، وكان مما أنزل الله عليه آية الرجم قرأناها وعقلناها ووعيناها ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده، وأخشى إن طال على الناس زمان، أن يقول قائل: والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله.

والرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء، إذا قامت البينة أو كان الحمل أو الاعتراف، والرجم نسخت تلاوته وبقي حكمه. وقال أبو حنيفة: التغريب منسوخ في حق البكر، وعامة أهل العلم على أنه ثابت لما روى ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب وغرب، وأن أبا بكر ضرب وغرب، وأن عمر ضرب وغرب. والمحصن من اجتمعت فيه أربعة أوصاف: العقل والبلوغ والحرية والإصابة، فإن زنى فحده الرجم مسلما كان أو ذميا.

وذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أن الإسلام من شرائط الإحصان، فلا رجم على الذمي عندهم.

ودليلنا أنه صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رجم يهوديين كانا قد أحصنا. وإن كان الزاني غير محصن بأن لم تجتمع فيه هذه الأوصاف الأربعة، نظر إن كان غير بالغ أو كان مجنونا، فلا حد عليه، وإن كان حرا بالغا عاقلا، غير أنه لم يصب بنكاح صحيح، فعليه جلد مائة وتغريب عام وإن كان عبدا، فعليه جلد خمسين. وفي تغريبه قولان: فإن قلنا يغرب فقولان: أصحهما نصف سنة، كما

<<  <  ج: ص:  >  >>