المعنى فما فوقها في الصغر. وقال قتادة وابن جريج وغيرهما: المعنى في الكبر. قال ابن عطية: الكل محتمل والله أعلم.
[البعير:]
سمي بعيرا لأنه يبعر، يقال: بعر البعير بفتح العين فيهما بعرا بإسكان العين كذبح يذبح ذبحا، قاله ابن السكيت وهو إسم على الذكر والأنثى وهو من الإبل بمنزلة الإنسان من الناس، فالجمل بمنزلة الرجل، والناقة بمنزلة المرأة، والقعود بمنزلة الفتى، والقلوص بمنزلة الجارية، وحكي عن بعض العرب: صرعتني بعيري، أي ناقتي، وشربت من لبن بعيري. وإنما يقال له بعيرا إذا أجذع، والجمع أبعرة وأباعر وبعران. قال مجاهد في قوله «١» تعالى: وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ
أراد بالبعير الحمار، لأن بعض العرب يقول للحمارا بعير، وهذا شاذ، ولو أوصى ببعير تناول الناقة على الأصح. وهو كالخلاف في تناول الشاة الذكر، وإن كان عكسه في الصورة.
والوجه الثاني عدم التناول. وهو المحكي عن النص، والمعروف في كلام الناس خلاف كلام العرب تنزيلا للبعير منزلة الجمل. قال الرافعي: وربما أفهمك كلامهم توسطا بين تنزيل النص، على ما إذا عم العرف باستعمال البعير بمعنى الجمل، والعمل بما تقتضيه اللغة إذا لم يعم لا جرم.
قال الشيخ الإمام السبكي: إن تصحيح خلاف النص في مثل هذه المسائل بعيد، لأن الشافعي رضي الله عنه اعرف باللغة، فلا يخرج عنها إلا لعرف مطرد، فإن صح عرف بخلاف قوله اتبع، وإلا فالأولى اتباع قوله.
[فرع:]
لو وقع بعيران في بئر، أحدهما فوق الآخر، فطعن الأعلى ومات الأسفل بثقله، حرم الأسفل لأن الطعنة لم تصبه، فإن أصابتها حلا جميعا. فإذا شك هل مات بالثقل أم بالطعنة النافذة، وقد علم أنها اصابته قبل مفارقة الروح حل. وإن شك هل أصابته قبل مفارقة الروح أم بعدها؟ قال البغوي في الفتاوى: يحتمل وجهين، بناء على أن العبد الغائب المنقطع خبره هل يجزىء اعتاقه عن الكفارة أم لا؟ ومن ذلك ما لو رمى غير مقدور عليه، فصار مقدورا عليه، ثم أصاب غير مذبحه لم يحل. ولو رمى مقدورا عليه فصار غير مقدور عليه، فأصاب غير مذبحه لم يحل. فإن أصاب مذبحه حل. وفي سنن أبي داود النسائي وابن ماجه، عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إذا تزوج أحدكم امرأة أو اشترى جارية أو غلاما أو دابة، فليأخذ بناصيتها وليقل: أللهم إني أسألك خيره وخير ما جبل عليه، وأعوذ بك من شره وشر ما جبل عليه. وإذا اشترى بعيرا فليأخذ بذروة سنامه وليدع بالبركة وليقل مثل «٢» ذلك» .
[فائدة:]
قال ابن الأثير:«خرج خلاد بن رافع وأخوه رضي الله عنهما إلى بدر على بعير أعجف، فلما انتهيا إلى قرب الروحاء، برك البعير. قال فقلنا: أللهم لك علينا، إن انتهينا إلى بدر، أن ننحره فرآنا النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «ما بالكما» . فأخبرناه، فنزل النبي صلى الله عليه وسلم فتوضأ ثم بزق في وضوئه ثم أمرهما ففتحا فم البعير فصب في جوفه، ثم على رأسه، ثم على عنقه، ثم على غاربه، ثم على سنامه، ثم على عجزه، ثم على ذنبه، ثم قال صلى الله عليه وسلم:«أللهم احمل رفاعة وخلادا» . فقمنا نرحل،