للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقلت: هذا عكس قول شاعر «١» الأنصار حيث يقول:

لله درّ عصابة نادمتهم ... يوما بجلّق في الزمان الأول

أولاد جفنة حول قبر أبيهم ... قبر ابن مارية الكريم المفضّل

يغشون حتى ما تهرّ كلابهم ... لا يسألون عن السواد المقبل

بيض الوجوه كريمة أحسابهم ... شمّ الأنوف من الطّراز الأول

ومن شعر العتابي «٢» رحمه الله تعالى:

طاف الخيال بنا ليلا فحيّانا ... أهلا به من ملمّ زار عجلانا

ما ضرّ زائرنا المهدى تحيته ... في النوم إذ زارنا لو زار يقظانا

إني أهتدي وسواد الليل معتكر ... على تباعد مسراه ومسرانا

إن الأماني قد خيلن لي سكنا ... ردت تحيته قلبي كما كانا

حتى إذا هو ولى وانتبهت له ... هاجت زيارته شوقا وأحزانا

وقال علي بن محمد بن نصير في المعنى بيتا مفردا:

وكان خيالها يشفي سقاما ... فضنّت بالخيال على الخيال

وقالوا: «أشكر «٣» من كلب» .

حكى محمد بن حرب، قال: دخلت على العتابي فوجدته جالسا على حصير، وبين يديه شراب في إناء، وكلب رابض بالفناء بحياله، يشرب كأسا ويولغه أخرى، فقلت له: ما الذي أردت بما اخترت؟ فقال: أسمع أنه يكف عني أذاه، ويكفيني أذى من سواه، ويشكر قليلي ويحفظ مبيتي ومقيلي، وهو من بين الحيوان خليلي. قال ابن حرب: فتمنيت والله أن أكون كلبا له لأحوز هذا النعت منه.

[الخواص]

: لحمه يعلو شحمه، بخلاف لحم الشاة، فإن شحمها يعلو لحمها، فإذا ارتضعت الشاة من كلبة كان لحمها على صفة لحم الكلاب، وفي ذلك قصة شهيرة لربيعة ومضر وأنمار وإياد، تقدمت في باب الهمزة في الأفعى.

قال السهيلي: وفي الحديث «لا تسبوا ربيعة ومضر، فإنهما كانا مؤمنين» . قال: وإنما سمي ربيعة الفرس لأنه أعطي من ميراث أبيه الخيل، وأعطي أخوه الذهب، فسمي مضر الحمراء. ولا تقول العرب إلا ربيعة ومضر ولا يقولون مضر وربيعة أصلا.

<<  <  ج: ص:  >  >>