كانوا يأتون بالشاة البيضاء فيعبدونها، فيجيء الذئب فيأخذها، فيأخذون أخرى مكانها. وفي سنن البيهقي وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم «كان يكره من الشاة، إذا ذبحت، سبعا: الذكر والأنثيين والدم والمرارة والحياء والعذرة والمثانة «١» » . قال:«وكان أحب الشاة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدمها» . وقالت أم سلمة رضي الله تعالى عنها: كان عندي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخلت شاة فأخذت قرصا تحت دن لنا، فقمت إليها، فأخذته من بين لحييها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ما كان ينبغي لك أن تعنقيها» ، أي تأخذي بعنقها وتعصريها. وروى مسلم عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله تعالى عنه قال:
كان بين مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبين الحائط ممر الشاة. قلت: وهذا يدل على استحباب القرب من السترة كما جاء عنه أيضا صلى الله عليه وسلم: «إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها، لئلا يقطع الشيطان عليه صلاته»«٢» . رواه أبو داود، ولا يعارض حديث ممر الشاة بحديث «صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الكعبة بينه وبين الجدار قدر ثلاثة أذرع» . وهو الذي يمكن المصلي أن يدرأ من يمر به، إذ حمل بعضهم حديث ممر الشاة، على ما إذا كان قائما، وحديث الثلاثة أذرع على ما إذا ركع أو سجد.
ولم يذكر مالك في ذلك حدا، وقدر بعضهم ممر الشاة بقدر شبر. وقد تقدم، في البهيمة والجدي، شيء من هذا.
[فائدة]
: في سنن أبي داود، وغيرها أن النبي صلى الله عليه وسلم، أهدت له يهودية بخيبر، شاة مصلية سمتها، فأكل منها وأكل معه رهط من أصحابه، فمات بشر بن البراء بن معرور، فأرسل إلى اليهودية وقال:«ما حملك على ما صنعت؟» قالت: قلت إن كان نبيا فلن يضره، وإن لم يكن نبيا استرحنا منه. «فأمر صلى الله عليه وسلم بها فقتلت» . كذا رواه وهو مرسل، فإن الزهري لم يسمع من جابر شيئا.
والمحفوظ، أنه صلى الله عليه وسلم قيل له: ألا تقتلها؟ فقال:«لا» . كذا «٣» رواه البخاري ومسلم، وجمع البيهقي بينهما، بأنه لم يقتلها في الابتداء، فلما مات بشر أمر بقتلها، وهي زينب بنت الحارث ابن سلام. وقال ابن اسحاق: إنها أخت مرحب اليهودي. وروى معمر بن راشد عن الزهري أنها أسلمت.
وروى الترمذي عن حكيم بن حزام رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم «بعثه ليشتري له أضحية بدينار، فاشترى أضحية فأربح فيها دينارا، فاشترى أخرى مكانها وجاء بالأضحية والدينار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فضحى بالشاة وتصدق بالدينار»«٤» . وفي صحيح البخاري وسنن أبي داود والترمذي وابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم، أعطى عروة بن الجعد، وقيل: ابن أبي الجعد البارقي دينارا ليشتري به شاة، فاشترى شاتين، فباع احداهما بدينار، وجاء بشاة ودينار. وذكر ما كان من أمره. فقال:«بارك الله لك في صفقة يمينك» . فكان يخرج بعد ذلك إلى كناسة البصرة فيربح الربح العظيم حتى صار من أكثر أهل الكوفة مالا. قال شبيب بن غرقدة: رأيت في دار عروة البارقي سبعين فرسا مربوطة للجهاد في سبيل الله تعالى. وروى عروة بن أبي الجعد، عن