وفي مسند أبي يعلى الموصلي، عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يؤتى بابن آدم يوم القيامة، كأنه بذج من الذل فيقول الله تعالى: أنا خير قسيم يا ابن آدم انظر إلى عملك الذي عملت لي فأنا أجزيك به، وانظر إلى عملك الذي عملت لغيري فإن جزاءك على الذي عملت له» . ورواه «١» الحافظ أبو نعيم في ترجمة الربيع بن صبيح مرفوعا.
والبذج كلمة فارسية تكلمت بها العرب وعن بعض الأعراب أنه وجد متعلقا باستار الكعبة وهو يقول أللهم أمتني ميتة أبي خارجة فقيل له: وكيف مات أبو خارجة؟ قال: أكل بذجا وشرب مشعلا ونام شامسا فلقي الله تعالى شبعان ريان دفآن. المشعل أناء ينبذ فيه.
[الأمثال:]
قالوا «٢» : «فلان أذل من بذج» لأنه أضعف ما يكون من الحملان.
[البراق:]
الدابة التي ركبها سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم ليلة الاسراء وركبها الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. مشتقة من البرق الذي يلمع في الغيم. كما روي في حديث «٣» المرور على الصراط.
«فمنهم من يمر كالبرق الخاطف، ومنهم من يمر كالريح العاصف، ومنهم من يمر كالفرس الجواد» .
وفي الصحيح أنه دابة دون البغل وفوق الحمار، أبيض يضع خطوه عند أقصى طرفه، ويؤخذ من هذا أنه أخذ من الأرض إلى السماء في خطوة وإلى السموات السبع في سبع خطوات.
وبه يرد على من استبعد من المتكلمين احضار عرش بلقيس في لحظة واحدة، وقال: إنه أعدم ثم أوجد وعلله بأن المسافة البعيدة لا يمكن قطعها في هذه اللحظة، وهذا أوضح دليل في الرد عليه.
قال السهيلي: ومما يسأل عنه شماس البراق حين ركبه صلى الله عليه وسلم فقال له جبريل عليه السلام: أما تستحي يا براق فما ركبك عبد قبل محمد أكرم على الله منه؟ قال ابن بطال: إنما كان ذلك لبعد عهده بالأنبياء، وطول الفترة بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام. ونقل النووي عن الزبيدي في مختصر العين وعن صاحب التحرير، أنها دابة كان الأنبياء عليهم السلام يركبونها. ثم قال: وهذا الذي قالاه من اشتراك جميع الأنبياء فيها يحتاج إلى نقل صحيح. وقال صاحب المقتفي: والحكمة في كونه على هيئة بغل ولم يكن على هيئة فرس، التنبيه على أن الركوب كان في سلم وأمن لا في حرب وخوف، أو لإظهار الآية في الإسراع العجيب في دابة لا يوصف شكلها بالإسراع فإن قيل: ركب صلى الله عليه وسلم البغلة في الحرب، فالجواب أن ذلك كان لتحقيق نبوّته وشجاعته صلى الله عليه وسلم.
قال: وكان البراق أبيض وكانت بغلته شهباء، وهي التي أكثرها بياض إشارة إلى تخصيصه بأشرف الألوان قال: واختلف الناس هل ركب جبريل عليه السلام معه صلى الله عليه وسلم؟ فقيل: نعم، كان رديفه صلى الله عليه وسلم. قال: والظاهر عندي أنه لم يركب معه لأنه صلى الله عليه وسلم هو المخصوص بشرف الإسراء، لكن روي أن إبراهيم عليه السلام كان يزور ولده إسماعيل على البراق وأنه ركبه هو وإسماعيل وهاجر، حين أتى بهما البيت الحرام. وفي أواخر المستدرك عن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: