مات. ولم ينتظم لبني العباس بعده أمر، وذلك في الثامن والعشرين من المحرم سنة ست وخمسين وستمائة.
وكان السبب في قتله أن الطاغية هولاكو بن قبلاي خان بن جنكز خان المغلي، لما كان في أوائل سنة ست وخمسين وستمائة قصد بغداد بجيش عرمرم، فخرج إليه الدويدار بالعسكر فالتقوا بطلائع هولاكو، وعليهم تايجو فانكسروا لقلتهم ثم أقبل تايجو فنزل غربي بغداد، ونزل هولاكو على شرقيها فأشار الوزير على الخليفة أن يخرج إلى هولاكو في تقرير الصلح، فخرج الكلب وتوثق لنفسه، ثم رجع فقال: إن هولاكو رغب في أن يزوج ابنته بابنك، وأن تكون الطاعة له كالملوك السلجوقية، ويرحل عنك فخرج الخليفة في أكابر الوقت، وأعيان دولته ليحضروا العقد، فضربوا رقاب الجميع، وقتل الخليفة. وكان حليما كريما سليم الباطن، قليل الرأي حسن الديانة، مبغضا للبدعة وبالجملة ختم له بخير. فإن الكافر هولاكو أمر به وبولده أبي بكر فرفسا حتى ماتا. وذلك في حدود آخر المحرم، وكان الأمر أشغل من أن يوجد مؤرخ لموته أو لمواراة جسده. فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وبقي الوقت بلا خليفة ثلاث سنين فلما كان في شهر رجب سنة تسع وخمسين وستمائة بايع المصريون بمصر المستنصر بالله.
[خلافة المستنصر بالله أحمد بن الخليفة الظاهر بالله]
هو أحمد بن الخليفة الظاهر بالله بن محمد بن الناصر العباسي الأسود. كانت أمه حبشية وكان بطلا شجاعا، قدم مصر فعرفوه، وهو عم المستعصم المقتول. نهض بإقامة دولته ومبايعته السلطان الملك الظاهر «١» ففوض أمر الأمة إليه. ثم خرجا إلى الشام ثم إن الخليفة فارقه من ثم، وسار بعسكر نحو ألف ليملك بغداد فكان القتال بينه وبين التتار في آخر السنة فعدم في الوقعة، وكان في خدمته الحاكم أبو العباس أحمد فانهزم إلى الشام.
[خلافة الحاكم بأمر الله]
فلما كان في ثامن المحرم، سنة إحدى وستين وستمائة، عقد مجلس عظيم لعقد البيعة للخليفة، فأحضروا أبا العباس أحمد ابن الأمير أبي علي بن أبي بكر بن المسترشد بالله بن المستظهر بالله العباسي، فأثبت نسبه فعند ذلك مد السلطان الملك الظاهر يده وبايعه بالخلافة، ثم بايعه القضاة والأمراء. ولقب بالحاكم بأمر الله فلما كان من الغد خطب خطبة أولها: الحمد لله الذي أقام لبني العباس ركنا وظهرا، ثم كتب بدعوته وإمامته إلى الأقطار وبقي في الخلافة أربعين سنة وأشهرا وكانت وفاته في جمادى الأولى سنة إحدى وسبعمائة ودفن عند السيدة نفيسة رحمة الله تعالى عليهما.