حبست الشمس مرتين لنبينا صلى الله عليه وسلم: إحداهما يوم الخندق حين شغلوا عن صلاة العصر حتى غربت الشمس، فردها الله تعالى عليه. كما رواه الطحاوي وغيره. والثانية صبيحة الإسراء حين انتظر العير التي أخبر بوصولها مع شروق الشمس وفي أواخر المستدرك من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لو أخذ سبع خلفات بشحومهن، فألقين في شفير جهنم ما انتهين إلى قعرها سبعين عاما» . قال شيخ الإسلام الإمام الذهبي: إسناده صالح.
والحكمة في التمثيل بالسبع إن ذلك عدد أبواب جهنم. وروى الشافعي والنسائي وابن ماجه من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «١» : «الا إن في قتيل الخطأ وقتيل السوط والعصا مائة من الإبل مغلظة، منها أربعون خلفة في بطونها أولادها» . وإسناده ضعيف ومنقطع.
وقال أبو حاتم: رواية ارساله أشبه. قال شيخ الإسلام النووي في تهذيبه: وهذا مما يستشكل لأن الخلفة هي التي في بطنها ولدها فإن قيل: فما الحكمة في قوله صلى الله عليه وسلم: «في بطونها أولادها» ؟ فجوابه من أربعة أوجه: أحدها أنه توكيد وإيضاح، والثاني أنه تفسير لها لا قيد، والثالث أنه نفي لوهم من يتوهم أن يكفي في الخلفة أن تكون حملت في وقت ما ولا يشترط حملها حالة دفعها في الدية، والرابع أنه إيضاح لحكمها وأنه يشترط في نفس الأمر أن تكون حاملا ولا يكفي قول أهل الخبرة أنها خلفة إذا تبين إنه لم يكن في بطنها ولد. وذكر الرافعي أنه قيل: إن الخلفة تطلق أيضا على التي ولدت وولدها يتبعها.
[فائدة أخرى:]
الخطأ المحض هو أن لا يقصد ضربه، بل قصد شيئا آخر فأصابه فمات منه، فلا قصاص عليه، بل تجب دية مخففة على عاقلته، مؤجلة إلى ثلاث سنين. وتجب الكفارة في ماله في الأنواع كلها. وشبه العمد أن يقصد ضربه بما لا يموت مثله من مثل ذلك الضرب غالبا بأن ضربه بعصا خفيفة أو حجر صغير ضربة أو ضربتين فمات، فلا قصاص فيه، بل تجب دية مغلظة على عاقلته مؤجلة إلى ثلاث سنين. والعمد المحض هو أن يقصد قتل إنسان، بما يقصد به القتل غالبا، كالسيف والسكين، وما أشبه ذلك ففيه القصاص عند وجود التكافؤ، أو دية مغلظة في مال القاتل حالة. وعند أبي حنيفة، قتل العمد لا يوجب الكفارة لأنه كبيرة كسائر الكبائر ودية الحر المسلم مائة من الإبل، فإذا كانت الدية في العمد المحض، أو شبه العمد، فهي مغلظة بالسن، فيجب ثلاثون حقة، وثلاثون جذعة، وأربعون خلفة في بطونها أولادها. وهو قول عمرو بن زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنهما. وبه قال عطاء وإليه ذهب الشافعي للحديث المتقدم عن ابن عمر رضي الله عنهما. وذهب قوم إلى أن الدية المغلظة أرباع: خمس وعشرون بنت مخاض، وخمس وعشرون بنت لبون، وخمس وعشرون حقة، وخمس وعشرون جذعة. وهو قول الزهري وربيعة، وبه قال مالك وأحمد وأبو حنيفة. وأما دية الخطأ فمخففة وهي أخماس بالاتفاق، غير أنهم اختلفوا في تقسيمها فذهب مالك والشافعي رضي الله تعالى عنهما إلى أنها عشرون بنت مخاض، وعشرون بنت لبون، وعشرون ابن لبون، وعشرون حقة، وعشرون جذعة. وبه قال عمر بن عبد العزيز