تزعم أن القراد يعيش سبعمائة سنة، وهذا من أكاذيبهم، وإنما الضجر منهم به دعاهم إلى هذا القول فيه.
[وهو في الرؤيا]
: يدل على الأعداء والحساد الأخساء، وإن رأى الدلم منتشرا في الأرض والرمل، فهو كذلك أيضا والله تعالى أعلم.
[القرد:]
حيوان معروف، وكنيته أبو خالد وأبو حبيب وأبو خلف وأبو ربة وأبو قشة، وهو بكسر القاف وسكون الراء، وجمعه قرود، وقد يجمع على قردة، بكسر القاف وفتح الراء المهملة، والأنثى قردة بكسر القاف وإسكان الراء، وجمعها قرد بكسر القاف وفتح الراء، مثل قربة وقرب.
وهو حيوان قبيح مليح ذكي سريع الفهم يتعلم الصنعة.
حكي أن ملك النوبة أهدى إلى المتوكل قردا خياطا، وآخر صائغا. وأهل اليمن يعلمون القردة القيام بحوائجهم حتى إن القصاب والبقال يعلم القرد حفظ الدكان حتى يعود صاحبه، ويعلم السرقة فيسرق.
نقل الشيخان عن القاضي حسين أنه قال: لو علم القرد النزول إلى الدار وإخراج المتاع، فنقب وأرسل القرد فأخرج المتاع، ينبغي أن لا يقطع لأن للحيوان اختيارا. ونقل البغوي في باب حد الزنا أن المرأة لو مكنت من نفسها قردا فوطئها. فعليها ما على واطىء البهيمة فتعزر في الأصح، وتحد في قول، وتقتل في قول.
[فائدة]
: قال ابن عباس وعكرمة رضي الله تعالى عنهم في قوله «١» تعالى: الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ
أي أتقنه وقالا: ليست است القرد حسنة، ولكنها متقنة محكمة، فجميع المخلوقات حسنة، وإن تفاوتت إلى حسن وأحسن. قال الله تعالى: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ
«٢» . والقردة تلد في البطن الواحد العشرة، والإثني عشر، والذكر ذو غيرة شديدة على الإناث. وهذا الحيوان شبيه بالإنسان في غالب حالته، فإنه يضحك ويطرب ويقعى ويحكي، ويتناول الشيء بيده، وله أصابع مفصلة إلى أنامل وأظافر، ويقبل التلقين والتعليم، ويأنس بالناس، ويمشي على أربع مشيه المعتاد ويمشي على رجليه حينا يسيرا، ولشفر عينيه الأسفل أهداب، وليس ذلك لشيء من الحيوان سواه.
وهو كالإنسان، وإذا سقط في الماء غرق كالآدمي الذي لا يحسن السباحة، ويأخذ نفسه بالزواج والغيرة على الإناث، وهما خصلتان من مفاخر الإنسان وإذا زاد به الشبق، استمنى بفيه، وتحمل الأنثى أولادها، كما تحمل المرأة، ومن سر هذا الحيوان أن الطائفة من هذا النوع، إذا أرادت النوم ينام الواحد في جنب الآخر، حتى يكونوا سطرا واحدا، وإذا تمكن النوم منها، نهض أولها من الطرف الأيسر، فإذا قعد صاح فينهض من كان يليه، ويفعل كفعله حتى يكون هذا إلى آخرهم، يفعلون ذلك في الليل كله مرارا، وسبب ذلك أنه يبيت في أرض ويصبح في أخرى، وفيه من قبول التأديب والتعليم ما لا يخفى. ولقد درب قرد ليزيد على ركوب الحمار، وسابق به