للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

«إن الشقي وافد البراجم» ، فذهبت مثلا ثم أمر به فقذف في النار، وقد أشار إلى ذلك ابن دريد في مقصورته بقوله:

ثم ابن هند باشرت نيرانه ... يوم أوارات تميما بالصّلى

وأورات موضع، وهو جمع واحدة أوارة، وتميم قبيلة، والصلى وهج النار. والقبرة غبراء كبيرة المنقار كأنما على رأسها قبرة، وهذا الضرب من العصفور قاسي القلب، وفي طبعه أنه لا يهوله صوت صائح، وربما رمي بالحجر، فاستخف بالرامي ولطأ بالأرض، حتى يتجاوز الحجر، وبهذا السبب لا يزال مأخوذا أو مقتولا، لأن الرامي يحمله الحنق عليه على مداومة ضربه حتى يصيبه، وهو يضع وكره على الجادة حبا للأنس.

روى الإمام الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي، بإسناده عن داود بن أبي هند، قال: صاد رجل قبرة، فقالت: ما تريد أن تصنع بي؟ قال: أذبحك وآكلك! فقالت: والله إني لا أسمن ولا أغني من جوع، وما أشفي من قرم، ولكن أعلمك ثلاث خصال هي خير لك من أكلي: أما الواحدة فأعلمك إياها وأنا على يدك، والثانية إذا صرت على الشجرة، والثالثة إذا صرت على الجبل. قال: نعم. فقالت وهي على يده: لا تأسفن على ما فاتك، فخلى عنها، فلما صارت على الشجرة قالت: لا تصدقن بما لا يكون، فلما صارت على الجبل، قالت: يا شقي لو ذبحتني لوجدت في حوصلتي درة وزنها عشرون مثقالا. قال: فعض على شفته وتلهف، ثم قال: هاتي الثالثة. فقالت: قد نسيت الثنتين الأوليين، فكيف أعلمك الثالثة؟ قال: وكيف؟ قالت: ألم أقل لك لا تأسفن على ما فاتك وقد تأسفت علي، وقلت لك: لا تصدقن بما لا يكون؟ وقد صدقت فإنه لو جمعت عظامي وريشي ولحمي لم تبلغ عشرين مثقالا، فكيف يكون في حوصلتي درة وزنها عشرون مثقالا.

وحكى القشيري في رسالته، عن ذي النون المصري رحمه الله، أنه سئل عن سبب توبته، فقال: خرجت من مصر إلى بعض القرى فنمت في بعض الصحارى، ثم فتحت عيني فإذا أنا بقبرة عمياء سقطت من وكرها، فانشقت لها الأرض، وخرج منها سكرجتان إحداهما فضة والأخرى ذهب، في إحداهما سمسم والأخرى ماء، فجعلت تأكل من هذه وتشرب من هذه، قال: فتبت ولزمت الباب إلى أن قبلني، وعلمت أن من لم يضيع القبرة لا يضيعني.

[وحكمها]

: حل الأكل بالاجماع، ووجوب الجزاء على المحرم بقتلها.

[الخواص]

: لحمها يحبس البطن ويزيد في الباه، وبيضها يفعل ذلك، وإذا ديف زبلها بريق إنسان وطلي به الثآليل قطعها، وإذا كرهت المرأة زوجها، فليطل ذكره بشحمها ويجامعها، فإنها تحبه.

[تتمة]

: في الأسماء قنبر، بضم القاف وإسكان النون وفتح الباء الموحدة، جد سيبويه عمرو بن عثمان بن قنبر، وسيبويه لقب له، وهي لفظة أعجمية معناها رائحة التفاح وقنبر بضمتين جد ابراهيم بن علي بن قنبر البغدادي، عن نصر الله القزاز وجد أبي الفتح محمد بن أحمد بن قنبر

<<  <  ج: ص:  >  >>