للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المؤمنين، فهل حدث شيء تكرهه؟ أو أتاك خبرا رتعت له؟ قال لا فلم تزل حتى أخبرها بمقالة خالد، فقالت: وما قلت لابن الفاعلة؟ فقال لها: أينصحني وتشتمينه؟ فخرجت إلى مواليها وأمرتهم بضرب خالد.

قال خالد: فخرجت من الدار مسرورا بما ألقيت إلى أمير المؤمنين، ولم أشك في الصلة، فبينما أنا واقف، إذ أقبلوا يسألون عني فحققت أنه أمر لي بالجائزة، فقلت لهم: ها أناذا، فاستبق إلي أحدهم بخشبة فغمزت برذوني، فلحقني وضرب كفل البرذون، فركضت ففتهم، واستخفيت في منزلي أياما ووقع في قلبي أني أتيت من أم سلمة. فبينما أنا ذات يوم جالس في المجلس، فلم أشعر إلا بقوم قد هموا علي وقالوا: أجب أمير المؤمنين، فسبق إلى قلبي أنه الموت، فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، والله لم أر دم شيخ أضيع من دمي، فركبت إلى دار أمير المؤمنين فأصبته جالسا، ولحظت في المجلس بيتا عليه ستور رقاق، وسمعت حسا من خلف الستر فأجلسني، ثم قال:

ويحك يا خالد وصفت لأمير المؤمنين صفة فأعدها فقلت: نعم يا أمير المؤمنين، أعلمتك أن العرب إنما اشتقت إسم الضرتين من الضرر، وإن أحدا يكون عنده من النساء أكثر من واحدة إلا كان في ضر وتنغيص! فقال السفاح: لم يكن هذا كلامك أولا. قلت: بلى يا أمير المؤمنين، وأخبرتك أن الثلاث من النساء يدخلن على الرجل البؤوس، ويشبن الرؤوس! فقال السفاح: برئت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن كنت سمعت هذا منك أو مر في حديثك. قلت: بلى يا أمير المؤمنين، وأخبرتك أن الأربع من النساء شر مجموع لصاحبهن، يشيبنه ويهرمنه. قال: والله ما سمعت هذا منك أولا. قلت: بلى والله. قال: أتكذبني؟ قلت: أفتقتلني؟ نعم والله يا أمير المؤمنين إن أبكار الإماء رجال، إلا أنهن ليس لهن خصى، قال خالد: فسمعت ضحكا من خلف الستر ثم قلت:

والله وأخبرتك أن عندك ريحانة قريش، وأنت تطمح بعينيك إلى النساء والجواري؟ فقيل لي من وراء الستر: صدقت والله يا عماه، بهذا حدثته، ولكنه غير حديثك، ونطق بما في خاطره عن لسانك، فقال له السفاح: قاتلك الله. قال خالد: فانسللت وخرجت. فبعثت إلي أم سلمة بعشرة آلاف درهم وبرذون وتخت ثياب.

[الحكم]

: هو كعموم الخيل.

[الخواص:]

إذا شربت امرأة دم برذون لم تحمل أبدا وزبله يخرج المشيمة والجنين الميت لخاصية فيه. وإذا جفف، وذر منه في الأنف حبس الرعاف. وإذا ذر على الجراحات حبس الدم.

[التعبير:]

البرذون في المنام خصومة، وقيل غلام، ويعبر أيضا برجل عجمي. والبراذين رجال أعاجم، ويعبر أيضا بامرأة فمن سرق برذونه طلق زوجته وضياعه فجور المرأة والله أعلم.

[البرغش:]

بفتح الباء والغين المعجمة نوع من البعوض. وأنشد الحافظ زكي الدين عبد العظيم لشيخه الحافظ أبي الحسن المقدسي شيخ والد الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد ووفاته في مستهل شعبان سنة إحدى وعشرين وستمائة بالقاهرة:

ثلاث باآت بلينا بها ... البق والبرغوث والبرغش «١»

<<  <  ج: ص:  >  >>