[الأمثال]
: قالوا: «أهرم «١» من لبد» . قال «٢» الشاعر:
إن معاذ بن مسلم رجل ... ليس لميقات عمره أمد
قد شاب رأس الزمان واكتهل ... الدهر وأثواب عمره جدد
قل لمعاذ إذا مررت به ... قد ضجّ من طول عمرك الأبد
يا بكر حواء كم تعيش وكم ... تسحب ذيل الحياة يا لبد
مصححا كالظليم ترفل في ... برديك مثل السعير تتقد
صاحبت نوحا ورضت بغلة ذي ... القرنين شيخا لولدك الولد
فارحل ودعنا فإن غايتك ... الموت وإن شد ركنك الجلد
[اللبوءة:]
بضم الباء وبعدها همزة: أنثى الأسد، واللبأة واللبوة، ساكنة الباء، غير مهموزة لغتان فيها حكاهما ابن السكيت، ويقال لها: العرس أيضا.
قال عون بن أبي شداد العبدي: بلغني أن الحجاج بن يوسف الثقفي، لما ذكر له سعيد بن جبير رحمة الله تعالى عليه، بعد قتل عبد الرحمن بن الأشعث «٣» ، أرسل إليه قائدا من أهل الشأم من خاصة أصحابه، فبينما هم يطلبون، إذا هم براهب في صومعة له، فسألوه عنه فقال الراهب:
صفوه لي. فوصفوه له، فدلهم عليه، فانطلقوا فوجدوه ساجدا يناجي ربه تعالى بأعلى صوته، فدنوا منه وسلموا عليه فرفع رأسه، فأتم بقية صلاته، ثم رد عليهم السلام، فقالوا له:
إن الحجاج أرسل إليك فأجبه. فقال: ولا بد من الإجابة؟ فقالوا: لا بد. فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قام يمشي معهم حتى انتهوا إلى دير الراهب، فقال الراهب: يا معشر الفرسان أصبتم صاحبكم؟ قالوا: نعم. فقال لهم: اصعدوا الدير، فإن اللبوة والأسد يأويان حول الدير، فعجلوا الدخول قبل المساء ففعلوا ذلك، وأبى سعيد رضي الله عنه، أن يدخل الدير! فقالوا: ما نراك إلا تريد الهرب منا؟ قال: لا ولكني لا أدخل منزل مشرك أبدا.
فقالوا: إن لا ندعك فإن السباع تقتلك.
قال سعيد: فإن معي ربي يصرفها عني، ويجعلها حراسا حولي تحرسني من كل سوء، إن شاء الله تعالى. قالوا: فأنت من الأنبياء؟ قال: ما أنا من الأنبياء، ولكني عبد من عباد الله خاطىء مذنب. قالوا له: فاحلف لنا أنك لا تبرح. فحلف لهم. فقال لهم الراهب: اصعدوا الدير، وأوتروا القسي لتنفروا السباع عن هذا العبد الصالح، فإنه كره الدخول علي في الصومعة، فدخلوا وأوتروا القسي فإذا هم بلبوة قد أقبلت، فلما دنت من سعيد بن جبير، تحككت به وتمسحت به، ثم ربضت قريبا منه، وأقبل الأسد فصنع مثل ذلك، فلما رأى الراهب ذلك دخلت