نراه حراما ونفتي بتحريمه، حتى ورد علينا الأستاذ أبو الحسن الماسرجسي «١» ، فقال: إنه حلال فبعثنا منه جرابا للبادية، وسألنا عنه العرب؟ فقالوا: هذا هو الجراد المبارك فرجعوا إلى قول العرب فيه.
[العصفور:]
بضم العين وحكى ابن رشيق في كتاب الغرائب: والشذوذ عصفور بالفتح، والأنثى عصفورة قال الشاعر:
وكنيته أبو الصعو وأبو محرز وأبو مزاحم وأبو يعقوب. قال حمزة: سمي عصفورا لأنه عصى وفر. وهو أنواع: منها ما يطرب بصوته ويعجب بصوته وحسنه وسيأتي إن شاء الله تعالى.
والعصفور الصرار، وهو الذي يجيب إذا دعى، من الصيرورة. وعصفور الجنة وهو الخطاف، وقد تقدم ذكرهما في بابيهما. وأما العصفور الدوري البيوتي، فإن في طباعه اختلافا، وذلك أن فيه من طبائع السباع، وهو أكل اللحم، ولا يزق فراخه ومن البهائم أنه ليس بذي مخلب ولا منسر، وإذا سقط على عود قدم أصابعه الثلاث وأخر الدابرة، وسائر أنواع الطير تقدم أصبعين وتؤخر أصبعين، ويأكل الحب والبقول. ويتميز الذكر منها بلحية سوداء كما للرجل والتيس والديك.
وليس في الأرض طائر من سبع ولا بهيمة أحنى من العصفور على ولده، ولا أشد له عشقا، وذلك مشاهد عند أخذ فراخها. ووكره في العمران تحت السقوف خوفا من الجوارح، وإذا خلت مدينة من أهلها ذهبت العصافير منها، فإذا عادوا إليها عادت العصافير. والعصفور لا يعرف المشي، إنما يثب وثبا. وهو كثير السفاد، فربما سفد في الساعة الواحدة مائة مرة، ولذلك قصر عمره فإنه لا يعيش في الغالب أكثر من سنة. ولفرخه تدرب على الطيران، حتى إنه يدعى فيجيب. قال الجاحظ: بلغني أنه رجع من فرسخ.
ومن أنواعه عصفور الشوك، وأكثر مأواه السياج. وزعم أرسطو أن بينه وبين الحمار عداوة، لأن الحمار إذا كان به دبر، حكه في الشوك الذي يأوي إليه هذا العصفور فيقتله. وربما نهق الحمار، فتسقط فراخه أو بيضه من جوف وكره، فلذلك هذا العصفور، إذا رأى الحمار رفرف فوق رأسه، وعلى عينيه وآذاه بطيرانه وصياحه.
ومن أنواعه: القبرة وستأتي إن شاء الله تعالى، في باب القاف. ومن أنواعه حسون، وقد تقدم في باب الحاء، والبلبل والصعو والحمرة والعندليب والمكاكي والصافر والتنوط والوصع والبراقش والقبعة، وكلها في أماكنها مذكورة.
وفي الأذكياء لابن الجوزي، أن رجلا رمى عصفورا فأخطأه، فقال له رجل: أحسنت فغضب وقال: أتهزأ بي؟ قال: لا، ولكن أحسنت إلى العصفور إذا لم تصبه. ورأيت في بعض التعاليق، أن المتوكل رمى عصفورا فلم يصبه وطار، فقال له ابن حمدان: أحسنت، فقال له