للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يحل. وللأصحاب ثلاث طرق: أحدها في حله قولان أشهرهما: عند صاحب التهذيب الحل، والعراقيون وغيرهم إلى ترجيح التحريم أميل، والثاني القطع بالحل، والثالث القطع بالتحريم.

وقال أبو حنيفة: إن اتبعه عقب الرمي، فوجده ميتا حل، وإن تأخر ساعة من اتباعه لم يحل. وروي عن مالك أنه إن وجده في برية حل، وإلا فلا. وصحح النووي والغزالي الحل، للأحاديث الواردة فيه، ومنها لو رمى، وهو لا يرجو صيدا ولا خطر له ولا قصده، بأن رمى سهما في الهواء، أو في فضاء من الأرض، أو إلى هدف واعترض صيد فأصابه فقتله، ففي حله وجهان أصحهما، وهو المنصوص؛ عدم الحل، لأنه لم يقصد الصيد، لا معينا ولا مبهما. ونظير ذلك ما إذا وقع في الشبكة صيد، فعقر بحديدة فيها، ويفرق بينه وبين ما لو ظنه ثوبا بأنه هنا قصد عينا. ولو رمى إلى ما ظنه حجرا، فكان صيدا فقتله فهو حلال. وكذا لو ظنه صيدا غير مأكول، فكان مأكولا لأنه قصد عينه. وقيس ذلك بما إذا كان له شاتان، فذبح إحداهما ظنا أنها الأخرى.

وفي التهذيب وغيره وجه أنه لا يحل، لأنه لم يقصد الصيد، وبه قال مالك. ومنها لو نصب سكينا أو حديدة أو كانت في يده حديدة، فوقعت على حلق شاة فذبحته فهو حرام، لأنه لم يذبح ولم يقصد الذبح، وإنما حصل ما حصل بفعل الشاة أو من غير فعل مختار. وفي التهذيب وغيره، أن عند أبي إسحاق تحل الشاة في صورة وقوع السكين، ولا شك أن الصيد في معناها. وكذا لو كان في يده حديدة يحركها، والشاة أيضا تحك حلقها بها، فحصل انقطاع الحلقوم والمريء بالحركتين، فهو حرام لأن الموت بشركة الذابح والبهيمة. وقال القاضي أبو سعيد الهروي، في اللباب: وإن رمى الأعمى صيدا، بدلالة بصير فالمذهب أنه لا يحل.

[فرع]

: في الازدحام والاشتراك وله أحوال منها أن يتعاقب جرحان من رجلين، فالأول منهما إما أن يكون مذففا أو مزمنا، أو لا مذففا ولا مزمنا، فإن لم يكن مذففا ولا مزمنا لم يحل على امتناعه، فإن كانت الجراحة مذففة أو مزمنة، فالصيد للثاني ولا شيء على الأول بجراحته، فإن كان جرح الأول مذففا فالصيد للأول، وعلى الثاني أرش ما نقص من لحمه وجلده، وإن كان جرح الأول مزمنا ملك الصيد به، وينظر في الثاني فإن ذفف بقطع الحلقوم والمريء، فهو حلال وعلى الثاني ما بين قيمته مذبوحا ومزمنا. قال الإمام: وإنما يظهر التفاوت إذا كان فيه حياة مستقرة فإن كان سالما أو كان بحيث لو لم يذبح لهلك، فما عندي أنه ينقص بالذبح منه شيء وإن ذفف الثاني، ولم يقطع الحلقوم والمري أو لم يذفف، ومات بالجرحين فهو ميتة، ويجب على الثاني قيمة الصيد مذبوحا.

قال في كتاب التهذيب: قيل: هو كما لو جرح عبده وجرحه غيره، ومات منهما وهو بناء على ما إذا جرح أجنبي عبدا قيمته عشرة وجرحه آخر ومات، ففيه أوجه: قال المزني: يجب على كل واحد أرش جراحته وباقي القيمة ينصف بينهما. وقيل: على كل واحد نصف قيمته يوم جرحه، وقال ابن خيران: توزع القيمة على قيمته يوم الجرح الأول، وهي عشرة، وعلى قيمته يوم الجرح الثاني وهي تسعة، فيكون تسعة عشر جزءا: عشرة على الأول وتسعة على الثاني. وقال القفال:

على كل واحد منهما نصف أرش جراحته، وينصف باقي القيمة مجروحا بجرحين. والطريقة الثانية أن الأول إن لم يدركه حيا، وجب على الثاني قيمته مزمنا، وإن أدركه ولم يذبحه، وجب على الثاني

<<  <  ج: ص:  >  >>