ويؤثر فيه عرض السهم في مروره فيموت منهما. وكذلك لو أرسل سهما إلى صيد فجرحه، وكان على طرف سطح فسقط منه، أو على جبل فتردى منه، أو تردى في بئر، أو وقع في ماء، أو على شجرة، فانصدم بأغصانها، فهو حرام، لأنه لا يدري من أيهما مات.
ومنها ما لو وقع صيده على محدد، سكين أو غيرها، فهو حرام. ولو أرسل سهما، فأصاب الصيد في الهواء، ثم وقع على الأرض ومات، فهو حلال سواء مات قبل الوصول إلى الأرض أو بعده، أو لم يعلم هل كان موته قبل الوصول أو بعده، لأن الوقوع على الأرض لا بد منه، فيعفى عنه كما يعفى عن الذبح في غير المذبح عند التعذر، وكما أن الصيد لو كان قائما فوقع على جنبه لما أصابه السهم وقال مالك: إن مات بعد وقوعه على الأرض لم يحل، والارتجاف قليلا بعد إصابة السهم لا يضر، لأنه كالوقوع على الأرض، فلو تدحرج من الجبل من جنب إلى جنب لم يضر، لأن ذلك مما لا يؤثر مثله في التلف، فلو رمى بسهم إلى صيد في الهواء فكسر جناحه، ولم يجرحه فوقع فمات، فهو حرام، لأنه لم يصبه جرح يحال الموت عليه، فلو كان الجرح خفيفا لا يؤثر مثله ولكنه عطل جناحيه فوقع فمات فهو حرام، قاله الإمام.
ولو وقع الصيد من الهواء بعدما أصابه السهم وجرحه في بئر نظر فإن كان فيها ماء، فهو حرام، وإن لم يكن فالصيد حلال، لأن قعر البئر كالأرض. ولكن الفرض فيما إذا لم يصادمه جدران البئر. ومنها لو كان الصيد واقفا على شجرة، فأصابه السهم فجرحه، فوقع على الأرض، فهو حلال. وإن وقع على غصن أو أغصان، ثم على الأرض لم يحل. وليس الانصدام بالأغصان أو بأحرف الجبل عند التردي من القلة، كالانصدام بالأرض فإن ذلك الانصدام ليس بلازم ولا غالب، والانصدام بالأرض لا بد منه، وللإمام احتمالان في الصورتين لكثرة وقوع الطيور على الأشجار، والانصدام بأطراف الجبال إذا كان الصيد بالجبل.
ومنها لو رمى إلى طير الماء، نظر إن كان على وجه الماء فأصابه السهم فجرحه فمات فهو حلال، والماء له كالأرض وإن كان خارج الماء ووقع في الماء، بعدما أصابه السهم، ففيه وجهان، مذكوران في الحاوي، أحدهما: أنه حرام، لأن الماء بعد الجرح، يعين على التلف والثاني: أنه حلال، لأن الماء لا يغرقه، لأنه لا يفارق الماء غالبا. ووقوعه في الماء كوقوع غيره على الأرض، وهذا هو الراجح.
وذكر في التهذيب، أن الصيد إذا كان في هواء البحر، نظر إن كان الرامي في البر، لم يحل وإن كان في البحر حل فإن كان الطائر خارج الماء، ووقع فيه بعدما أصابه السهم، ففي حله وجهان. قطع البغوي، في التهذيب، والشيخ أبو محمد في المختصر، بالحل. وجميع ما ذكرنا فيما إذا لم ينته الصيد بتلك الجراحة إلى حركة المذبوح، فإن انتهى إليها بقطع الحلقوم أو المريء أو غيره، فقد تمت ذكاته، ولا أثر لما يعرض بعد ذلك.
ومنها لو جرح الصيد جرحا لم يقتله، ثم غاب فوجده بعد ذلك ميتا، قيل يحل وقيل لا يحل، والأول أصح، لكن يشترط أن ينتهي الصيد بتلك الجراحة إلى حركة المذبوح ولا أثر لغيبته فإن لم ينته إلى حركة المذبوح، فإن وجد في ماء، أو وجد عليه أثر صدمة، أو جراحة أخرى لم