للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أيضا، على الأصح، وبه قطع جماعة، وغراب الزرع حلال على الأصح. وقد تقدم حكم العقعق والغداف. وقال أبو حنيفة: الغربان كلها حلال. روى «١» البخاري في صحيحه، عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خمس من الدواب ليس على قاتلهن جناح:

الغراب والحدأة والفأرة والحية والكلب العقور» . وفي سنن ابن ماجه والبيهقي، عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الحية فاسقة، والفأرة فاسقة، والغراب فاسق» «٢» . وفي سنن ابن ماجه أيضا قيل لابن عمر رضي الله تعالى عنهما: أيؤكل الغراب «٣» قال:

ومن يأكله بعد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه إنه فاسق؟. وهذه الفواسق الخمس لا ملك لأحد فيها ولا اختصاص، كذا نقله الرافعي في كتاب ضمان البهائم، عن الإمام وأقره. وعلى هذا فلا يجب ردها على غاصبها.

[الأمثال]

: قال الشاعر:

ومن يكن الغراب له دليلا ... يمرّ به على جيف الكلاب

وقالوا: «لا أفعل كذا حتى يشيب الغراب» «٤» ، أي لا أفعل أبدا، لأن الغراب لا يشيب أبدا.

روى الحافظ أبو نعيم في حليته، في ترجمة سفيان بن عيينة، عن مسعر بن كدام، أن رجلا ركب البحر فانكسرت السفينة فوقع في جزيرة، فمكث ثلاثة أيام لم ير أحدا، ولم يأكل ولم يشرب، فتمثل بقول القائل:

إذا شاب الغراب أتيت أهلي ... وصار القار كاللبن الحليب

فأجابه صوت مجيب لا يراه:

عسى الكرب الذي أمسيت فيه ... يكون وراءه فرج قريب

فنظر فإذا سفينة قد أقبلت، فلوح إليهم فأتوه فحملوه، فأصاب خيرا كثيرا. وقالوا: «أبصر من غراب» «٥» . زعم ابن الأعرابي أن العرب تسمي الغراب الأعور لأنه يغمض أبدا إحدى عينيه، ويقتصر على النظر بإحداهما من قوة بصره. وقال غيره: إنما سموه أعور لحدة بصره على طريق التفاؤل قال بشار بن برد الأعمى:

وقد ظلموه حين سمّوه سيدا ... كما ظلم الناس الغراب بأعورا

وقد تقدم عن أبي الهيثم، أن الغراب يبصر من تحت الأرض، بقدر منقاره. وقالوا: «أخيل من غراب» «٦» «وأزهى «٧» وأبكر من غراب «٨» » ، فإنه أشد الطير بكورا. وقالوا: «أبطأ من غراب

<<  <  ج: ص:  >  >>