للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سنة كالشجرة التي تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها

«١» وإذا حصل ذلك الورم مرضت له الظباء، إلى أن يتكامل. ويقال إن أهل التبت يضربون لها أوتادا في البرية، تحتك بها ليسقط عندها. وذكر القزويني في الأشكال، أن دابة المسك تخرج من الماء كالظباء تخرج في وقت معلوم، والناس يصيدون منها شيئا كثيرا فتذبح. فيوجد في سررها دم وهو المسك، ولا يوجد له هناك رائحة حتى يحمل إلى غير ذلك الموضع من البلاد انتهى. وهذا غريب! والمعروف ما تقدم.

وفي مشكل الوسيط لابن الصلاح، عن ابن عقيل البغدادي، أن النافجة في جوف الظبية، كالأنفحة في جوف الجدي، وأنه سافر إلى بلاد المشرق، حتى حمل هذه الدابة، إلى بلاد المغرب لخلاف جرى فيها، ونقل في كتاب العطر له عن علي بن مهدي الطبري، أحد أئمة أصحابنا، أنها تلقيها من جوفها كما تلقي الدجاجة البيضة انتهى. قلت: والمشهور أنها ليست مودعة في الظبية بل هي خارجة ملتحمة في سرتها كما تقدم والله أعلم.

روى مسلم عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «٢» : «كانت امرأة من بني اسرائيل قصيرة، تمشي مع امرأتين طويلتين، فاتخذت رجلين من خشب، وخاتما من ذهب، وحشته مسكا والمسك أطيب الطيب، فمرت بين المرأتين فلم يعرفوها، فقالت بيدها هكذا ونفض شعبة يده» .

قال النووي: دل الحديث على أن المسك أطيب الطيب وأفضله، وأنه طاهر يجوز استعماله في البدن والثوب ويجوز بيعه، وهذا كله مجمع عليه. ونقل أصحابنا عن الشيعة فيه، مذهبا باطلا، وهم محجوجون بإجماع المسلمين وبالأحاديث الصحيحة، في استعمال النبي صلى الله عليه وسلم، واستعمال الصحابة رضي الله تعالى عنهم، قال أصحابنا وغيرهم: وهو مستثنى من القاعدة المعروفة أن ما أبين من حي فهو ميتة. قال: وأما اتخاذ المرأة القصيرة رجلين من خشب حتى مشت بين الطويلتين، فلم تعرف فحكمه في شرعنا أنها إن قصدت به مقصودا شرعيا لتستر نفسها لئلا تعرف فتقصد بالأذى ونحو ذلك فلا بأس به. وإن قصدت به التعاظم أو التشبه بالكاملات، وتزويرا على الرجال وغيرهم، فهو حرام.

[فائدة]

: روى الدارقطني والطبراني في معجمه الأوسط، عن أنس بن مالك، والبيهقي في شعبه عن أبي سعيد الخدري، قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على قوم قد صادوا ظبية وشدوها إلى عمود فسطاط فقالت: يا رسول الله إني وضعت ولي خشفان، فاستأذن لي أن أرضعهما ثم أعود إليهم فقال صلى الله عليه وسلم: «خلوا عنها حتى تأتي خشفيها ترضعهما وتأتي إليكم» . قالوا: ومن لنا بذلك يا رسول الله فقال صلى الله عليه وسلم: «أنا» فأطلقوها، فذهبت فأرضعتهما ثم عادت إليهم فأوثقوها فقال صلى الله عليه وسلم: «أتبيعونيها» قالوا: هي لك يا رسول الله، فخلوا عنها، فأطلقها. وفي رواية عن زيد بن أرقم، قال: لما أطلقها رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيتها تسبح في البرية وهي تقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله. وروى الطبراني عن أم سلمة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحراء، فإذا مناد ينادي: يا رسول الله، فالتفت فلم ير أحدا، ثم التفت فإذا ظبية موثوقة، فقالت: ادن مني يا رسول الله فدنا منها، فقال:

ما حاجتك؟ فقالت: إن لي خشفين في هذا الجبل، فحلني حتى أذهب إليهما فأرضعهما ثم أرجع

<<  <  ج: ص:  >  >>