للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المنان، في وضع كتاب في هذا الشأن وسميته حياة الحيوان، جعله الله موجبا للفوز في دار الجنان، ونفع به على ممر الأزمان، إنه الرحيم الرحمن ورتبته على حروف المعجم، ليسهل به من الأسماء ما استعجم.

[باب الهمزة]

[الأسد]

: من السباع معروف، وجمعه أسود وأسد وآسد وآساد والأنثى أسدة وفي حديث «١» أم زرع: «زوجي إن دخل فهد، وإن خرج أسد» . وله أسماء كثيرة، قال ابن خالويه: للأسد خمسمائة اسم وصفة. وزاد عليه علي بن قاسم بن جعفر اللغوي مائة وثلاثين اسما فمن أشهرها: أسامة والبيهس والنآج والجخدب والحارث وحيدرة والدوّاس والرئبال وزفر والسبع والصّعب والضّرغام والضّيغم والطيثار والعنبس والغضنفر والفرافصة والقسورة وكهمس والليث والمتأنّس والمتهيّب والهرماس والورد. وكثرة الأسماء تدل على شرف المسمى. ومن كناه أبو الأبطال وأبو حفص وأبو الأخياف وأبو الزعفران وأبو شبل وأبو العباس وأبو الحارث.

وإنما ابتدأنا به لأنه أشرف الحيوان المتوحش؛ إذ منزلته منها منزلة الملك المهاب، لقوته وشجاعته وقساوته وشهامته وجهامته وشراسة خلقه، ولذلك يضرب به المثل في القوّة والنجدة والبسالة وشدّة الإقدام والجراءة والصّولة. ومنه قيل لحمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه: أسد الله ويقال: من نبل الأسد أنه اشتق لحمزة بن عبد المطلب من اسمه، وكذلك لأبي قتادة، فارس النبي صلى الله عليه وسلم. ففي صحيح مسلم، في باب إعطاء القاتل سلب المقتول. فقال «٢» أبو بكر رضي الله عنه: «كلا والله لا يعطيه أضيبعا من قريش، ويدع أسدا من أسد الله تعالى يقاتل عن الله ورسوله» . وسيأتي إن شاء الله تعالى في باب الضاد المعجمة.

وهو أنواع كثيرة، قال أرسطو: رأيت نوعا منها يشبه وجه الإنسان، وجسده شديد الحمرة، وذنبه شبيه بذنب العقرب، ولعل هذا هو الذي يقال له الورد. ومنه نوع على شكل البقر له قرون سود نحو شبر، وأما السبع المعروف فإن أصحاب الكلام في طبائع الحيوان، يقولون: إن الأنثى لا تضع إلّا جروا واحدا تضعه لحمة ليس فيه حسّ ولا حركة، فتحرسه كذلك ثلاثة أيام، ثم يأتي أبوه بعد ذلك فينفخ فيه، المرة بعد المرة، حتى يتنفس ويتحرك وتنفرج أعضاؤه، وتتشكل صورته، ثم تأتي أمه فترضعه، ولا يفتح عينيه إلّا بعد سبعة أيام من تخلقه، فإذا مضت عليه بعد ذلك ستة أشهر، كلّف الاكتساب لنفسه بالتعليم والتدريب. قالوا: وللأسد من الصبر على الجوع، وقلة الحاجة إلى الماء، ما ليس لغيره من السباع. ومن شرف نفسه: أنه لا يأكل من فريسة غيره، فإذا شبع من فريسته تركها، ولم يعد إليها، وإذا جاع ساءت أخلاقه، وإذا امتلأ من الطعام ارتاض، ولا يشرب من ماء ولغ فيه كلب: وقد أشار إلى ذلك الشاعر بقوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>