لو أنّ ما في القلب من حبّكم ... بالجندل الصّلد لقد هدّه
ثم قال ذو النون: لا أحياء ولا أموات، ولا صحاة ولا سكرى، ولا مقيمون ولا ظاعنون، ولا مفيقون ولا صرعى، ولا أصحاء ولا مرضى، ولا منتبهون ولا نيام، فهم كأصحاب الكهف، في فجوة الكهف لا يدرون ما يفعل بهم، ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال. قال الإمام أبو الفرج بن الجوزي: ذو النون رحمه الله تعالى، أصله من النوبة وكان من أهل اخميم، فنزل مصر وسكنها، ويقال اسمه الفيض وذو النون لقب.
وقال الإمام أبو القاسم القشيري، في رسالته: كان ذو النون قد فاق أهل هذا الشأن، وصار واحد وقته علما وورعا وأدبا وحالا، وكانت وفاته بالجيزة لليلتين خلتا من ذي القعدة سنة ست وأربعين ومائتين. قال ابن خلكان: ودفن بالقرافة الصغرى.
وأما معروف فهو ابن قيس الكرخي، كان مشهورا بإجابة الدعوة، وأهل بغداد يستسقون بقبره، ويقولون: قبر معروف ترياق مجرب. وكان سري السقطي تلميذه، وقيل لمعروف في مرض موته: أوص، فقال: إذا مت، فتصدقوا بقميصي فإني أريد أن أخرج من الدنيا عريانا كما دخلتها عريانا. ومر معروف رحمه الله تعالى يوما بسقاء، وهو يقول: يرحم الله من يشرب، وكان صائما فتقدم وشرب، فقيل له: ألم تكن صائما؟ قال: بلى. ولكن رجوت دعاءه. توفي رحمه الله تعالى سنة ثلاثمائة.
وقال الزمخشري، في ربيع الأبرار: زعموا أن أرض حمص لا تعيش فيها العقارب، وزعم أهلها أن ذلك لطلسم هناك، قالوا: وإن طرحت فيها عقرب غريبة، ماتت من ساعتها. وحمص مدينة معروفة من مشارق الشأم، لا تنصرف للعلمية والعجمة والتأنيث، وهي من المدن الفاضلة. وفي حديث ضعيف أنها من مدن الجنة. وكانت في أول الأمر أشهر بالفضل من دمشق.
وذكر الثعلبي أنه نزلها سبعمائة من الصحابة رضي الله تعالى عنهم.
[فائدة]
: رقية العقرب جائزة، لما روى «١» مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما، قال: لدغت رجلا عقرب ونحن جلوس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل: يا رسول الله ارقيه؟
قال صلى الله عليه وسلم:«من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل» . وفي رواية «٢» فجاء آل عمر بن حزم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله، كانت عندنا رقية نرقي بها من العقرب، وإنك نهيت عن الرقى، فقال صلى الله عليه وسلم:«اعرضوا علي رقاكم» ، فعرضوها عليه، فقال صلى الله عليه وسلم:«ما أرى بها بأسا، من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه» . وفي رواية:«اعرضوا علي رقاكم لا بأس بالرقى ما لم يكن فيها شيء» . فالرقى جائزة بكتاب الله أو بذكره، ومنهي عنها إذا كانت بالفارسية أو بالعجمية، أو بما لا