للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهم يتركوك أسلح من حبارى ... رأت صقرا وأشرد من نعام

ومن شأنها أنها تصاد ولا تصيد. روى البيهقي في الشعب من حديث يحيى بن أبي كثير عن سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رجلا يقول: إن الظالم لا يضر إلا نفسه فقال أبو هريرة: كذب والذي نفسي بيده إن الحبارى لتموت هزالا من خطايا بني آدم، وهو كذلك في تفسير الثعلبي في آخر سورة فاطر يعني إذا كثرت الخطايا، منع الله القطر عن أهل الأرض. وإنما يصيب الطير من الحب والثمرة على قدر المطر قال الشاعر:

يسقط الطير حيث يلتقط ... الحب وتغشى منازل الكرماء «١»

وهي من أكثر الطير حيلة في تحصيل الرزق، ومع ذلك تموت جوعا لهذا السبب فسبحان القادر على ما يشاء وولدها يقال له نهار، وفرخ الكروان يقال له ليل ولذلك قال الشاعر:

ونهارا رأيت منتصف اللي ... ل وليلا رأيت وسط النهار

[الحكم:]

يحل أكلها لأنها من الطيبات. روى أبو داود والترمذي عن يزيد بن عمر بن سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن أبيه عن جده أنه قال: «أكلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حبارى» . «٢» قال الترمذي غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.

[الأمثال:]

قالوا: «أنكد من الحبارى» كما تقدم. وقال عثمان: «كل شيء يحب ولده حتى الحبارى» . «٣» وإنما خصها بالذكر لأنها يضرب بها المثل في الحمق، فهي، على حمقها، تحب ولدها فتطعمه وتعلمه الطيران كغيرها من الحيوان. وقالوا: «أسلح من الحبارى» «٤» حالة الخوف «وأسلح من الدجاج» «٥» حالة الأمن. وقالوا: «الحبارى خالة الكروان» «٦» وقالوا: «٧» «أقصر من إبهام الحبارى» و «من إبهام القطاة» .

[الخواص:]

لحم الحبارى بين لحم الدجاج ولحم البط في الغلظ، وهو أخف من لحم البط لأنه بري وهو حار ورطب جدا. وأجوده المخاليف المكدودة قبل الذبح وهو نافع لتسكين الرياح، لكنه يضر بالمفاصل والقولنج. ويدفع ضرره الدارصيني والزيت والخل، ويتولد منه دم بلغمي ويوافق أصحاب الأمزجة الباردة من الشبان، لا سيما إذا أكل في الشتاء وفي البلاد الباردة. وقال صاحب تقويم الصحة: يكره لحم الحبارى لغلظه وعسر انهضامه وأجوده ما طبخ بعد أن يمضي عليه يومان ثم يغرز في صدره وأفخاذه الثوم الكثير والفلفل، ويعمل بالأبازير وهو إذا انهضم ولد غذاء كثيرا. وما كان منه مخلفا خير مما كان عتيقا، ويجب أن يتناول بعده حلواء العسل انتهى.

وقال القزويني: يوجد في حوصلته حجر إذا علق على الإنسان لا يحتلم ما دام عليه وإن

<<  <  ج: ص:  >  >>