وفي مناقب الإمام أحمد، أنه بلغه أن رجلا من وراء النهر عنده أحاديث ثلاثية، فرحل الإمام أحمد إليه، فوجد شيخا يطعم كلبا، فسلم عليه فرد عليه السلام، ثم اشتغل الشيخ بإطعام الكلب، فوجد الإمام في نفسه إذ أقبل الشيخ على الكلب ولم يقبل عليه، فلما فرغ الشيخ من طعمة الكلب، التفت إلى الإمام أحمد، وقال له: كأنك وجدت في نفسك، إذ أقبلت على الكلب ولم أقبل عليك؟ قال: نعم. فقال الشيخ: حدثني أبو الزناد، عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«من قطع رجاء من ارتجاه قطع الله منه رجاءه يوم القيامة فلم يلج الجنة» . وأرضنا هذه ليست بأرض كلاب، وقد قصدني هذا الكلب، فخفت أن أقطع رجاءه فيقطع الله رجائي منه يوم القيامة. فقال الإمام أحمد: هذا الحديث يكفيني ثم رجع.
ويقرب من هذا ما في رسالة القشيري، في باب الجود والسخاء، أن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما، خرج إلى ضيعة له، فنزل على نخيل قوم، وفيها غلام أسود يعمل فيها، إذ أتى الغلام بغدائه، وهي ثلاثة أقراص، فرمى بقرص منها إلى كلب كان هناك فأكله، ثم رمى إليه الثاني فأكله والثالث فأكله، وعبد الله بن جعفر ينظر، فقال: يا غلام كم قوتك كل يوم؟ قال: ما رأيت. قال: فلم آثرت هذا الكلب؟ فقال: إن هذه الأرض ليست بأرض كلاب، وإنه جاء من مسافة بعيدة جائعا، فكرهت رده! فقال له عبد الله: فما أنت صانع اليوم؟ قال: أطوي يومي هذا. فقال عبد الله بن جعفر لأصحابه: ألام على السخاء وهذا أسخى مني؟ ثم اشترى الغلام وأعتقه، واشترى الحائط وما فيه ووهب ذلك له.
وتقدم في باب الحاء المهملة، في الحمار، أن الحاكم روى عن جابر رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «١» : «إذا سمعتم نباح الكلب ونهيق الحمار بالليل فتعوذوا بالله من الشيطان الرجيم، فإنها ترى ما لا ترون وأقلوا الخروج إذا هدأت الرجل، فإن الله تعالى يبث في الليل من خلقه ما شاء» .
[غريبة]
: في كتاب البشر بخير البشر، عن مالك بن نفيع أنه قال: ند بعير لي، فركبت نجيبة لي وطلبته حتى ظفرت به، فأخذته وانكفأت راجعا إلى أهلي، فأسريت ليلتي حتى كدت أصبح، فأنخت النجيبة والبعير وعقلتهما، واضطجعت في ذرا كثيب رمل، فلما كحلني الوسن، سمعت هاتفا يقول: يا مالك يا مالك، لو فحصت عن مبرك القعود البارك، لسرك ما هنا لك، قال:
فثرت وأثرت البعير عن مبركه، وحفرت فعثرت على صنم في صورة امرأة من صفاة صفراء كالورس، مجلوّا كالمرآة، فأخرجته ومسحته بثوبي ونصبته قائما فما تمالكت أن خررت له ساجدا.
ثم قمت فنحرت البعير له ورششته بدمه، وسميته غلابا ثم حملته على النجيبة، وأتيت به أهلي، فحسدني عليه كثير من قومي، وسألوني نصبه لهم ليعبدوه معي، فأبيت عليهم وانفردت لعبادته، وجعلت على نفسي كل يوم عتيرة، وكانت لي ثلة من الضأن، فأتيت على آخرها، فأصبحت يوما وليس لي ما أعتره، وكرهت الاخلال بنذري، فأتيته فشكوت إليه ذلك فإذا هاتف من جوفه يقول: يا مال يا مال، لا تأس على مال، سر إلى طوى الأرقم، فخذ الكلب الأسحم، الوالغ في