للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من دابة إلا وهي مصيخة يوم الجمعة فرقا من قيام الساعة إلا الجن والإنس» . وإصاختها بإلهام الله إياها في ذلك اليوم، محمول على ما جبلها الله تعالى عليه من توقيها لما يضرها، وانقيادها إلى ما ينفعها جبلة لا عقلا وإحساسا حيوانيا، لا إدراكا فهميا. وإذا جبل الله النملة على حمل قوتها وإدّخاره لزمن الشتاء فجبله البهيمة على الإصاخة محاذرة يوم القيامة أولى. ومن استقرى أحوال الحيوانات، رأى حكمة الله فيها لما سلبها العقل جعل لها حسا تفرق به بين الضار لها والنافع، وجبلها على أشاء وألهمها إياها لا توجد في الإنسان إلا بعد التعلم وتدقيق النظر فمنها النحلة المحكمة لتسديس مخزن قوتها، حين يتعجب منه أهل الهندسة. والعنكبوت المتقنة لخيوط بيوتها وتناسب دوائرها. وكذلك السرفة في إحكام بيتها مربعا من عيدان وقد ظهرت من البهائم الصنائع العجيبة، والأفاعيل الغريبة، ولم يسلبها رب العالمين سوى العبارة عن ذلك، والنطق به ولو شاء أنطقها كما أنطق النملة في عهد سليمان على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام. والبهيم من الخيل الذي لا شية فيه الذكر والأنثى فيه سواء. والبهم من النعاج السود التي لا بياض فيها وأما قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث «١» : «يحشر الناس يوم القيامة بهما» فمعناه أنه ليس بهم شيء مما كان في الدنيا نحو البرص والعرج والعمى والعور وغير ذلك. وإنما هي أجساد مصححة لخلود الأبد في الجنة أو النار. وقيل: بل عراة ليس عليهم من متاع الدنيا شيء وهذا يخالف الأول من حيث المعنى ومن شعر مسعر بن «٢» كدام أحد الأعلام:

نهارك يا مغرور سهو وغفلة ... وليلك نوم والردى لك لازم

وتتعب فيما سوف تكره غبه ... كذلك في الدنيا تعيش البهائم

[فرع:]

اختلف أصحابنا في نقض الوضوء بمس فرج البهيمة على وجهين: أحدهما ينقض لعموم النقض بمس الفرج. والأصح أنه لا ينقض، إذ لا حرمة لها ولا تعبد عليها. وأما دبرها فلا ينقض قطعا، قال الدارمي: ولا فرق في الخلاف بين البهائم والطير.

[الأمثال:]

قالوا: «ما الإنسان لولا اللسان إلا صورة ممثلة أو بهيمة مهملة» يضرب في مدح القدرة على الكلام.

[البوم والبومة]

: بضم الباء طائر يقع على الذكر والأنثى حتى تقول: صدى أو فياد فيختص بالذكر وكنية الأنثى أم الخراب وأم الصبيان ويقال لها أيضا غراب الليل. قال «٣» الجاحظ:

وأنواعها الهامة والصدى والضوع والخفاش وغراب الليل والبومة. وهذه الأسماء كلها مشتركة أي تقع على كل طائر من طير الليل يخرج من بيته ليلا قال وبعض هذه الطيور يصيد الفأر وسام أبرص والعصافير وصغار الحشرات وبعضها يصيد البعوض. ومن طبعها أن تدخل على كل طائر

<<  <  ج: ص:  >  >>