وما في التيوس كبيض الدجاج ... وبيض الدجاج شفاء القرم
ومكن الضباب طعام العرب ... وكاشيه منها رؤوس العجم
قوله: الحنيذ، أي المشوي، وماء الشبم بفتح الشين المعجمة وفتح الباء الموحدة ماء الأسنان، والبهض بكسر الباء الموحدة وفتح الهاء وبالضاد المعجمة الأرز باللبن، والقرم بفتح القاف وكسر الراء الرجل يشتهي اللحم، والمكن بفتح الميم وإسكان الكاف وبالنون في آخره، بيض الضب والكشا جمع كشية بضم الكاشف وإسكان الشين المعجمة. ولا يكره أكله عندنا خلافا لبعض أصحاب أبي حنيفة. وحكى القاضي عياض عن قوم تحريمه. قال الإمام العلامة النووي:
وما أظنه يصح عن أحد انتهى.
وأما ما روي عن عبد الرحمن بن حسنة، قال: نزلنا أرضا كثيرة الضباب، فأصابتنا مجاعة، فطبخنا منها أي من الضباب، فإن القدور لتغلي إذ جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال «١» : «ما هذا» ؟
فقلنا: ضباب أصبناها، فقال:«إن أمة من بني إسرائيل مسخت دواب في الأرض وإني أخشى أن يكون هذا منها فلم آكلها ولم أنه عنها» ، فيحتمل أن ذلك قبل أن يعلم أن الممسوخ لا يعقب.
وفي صحيح البخاري، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما خرج إلى حنين، مر بشجرة للمشركين يقال لها ذات أنواط، يعلقون عليها أسلحتهم، فقالوا: يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال «٢» صلى الله عليه وسلم: «سبحان الله هذا كما قال قوم موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة، فو الذي نفسي بيده لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه» . قالوا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال:«فمن» ؟ قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: ما أشبه الليلة بالبارحة؟ هؤلاء بنو إسرائيل. قال ابن العربي، في عارضة الأحوذي: تفكرت برهة في وجه ضرب المثل بالضب، فعرضت لي في الخاطر معان، أشبهها الآن أن الضب عند العرب يضرب به المثل للحاكم من الإنس، والحاكم تأتي إليه الخلق بأجمعهم، فيما يعرض من الأمور لهم، فلا يتأخر أحد عنه فكان المعنى مصيرهم لذلك.
[الأمثال]
: قالوا: «أضل من ضب «٣» » ، والضلال ضد الهداية. وكذلك قالوا في الورل، كما سيأتي إن شاء الله تعالى. وقالوا:«أعق من ضب «٤» » قال ابن الأعرابي: إنما يريدون الأنثى وعقوقها أنها تأكل أولادها. «وأحيى من ضب» ، أي أطول عمرا و «أجبن من ضب» و «أبله من ضب» و «أخدع من ضب «٥» » . قال «٦» الشاعر: