وكنية الخنزير أبو جهم وأبو زرعة وأبو دلف وأبو عتبة وأبو علية وأبو قادم، وهو يشترك بين البهيمية والسبعية، فالذي فيه من السبع الناب وأكل الجيف، والذي فيه من البهيمية الظلف وأكل العشب والعلف، وهذا النوع يوصف بالشبق، حتى إن الأنثى منه يركبها الذكر وهي ترتع، فربما قطعت أميالا وهو على ظهرها، ويرى أثر ستة أرجل، فمن لا يعرف ذلك يظن أن في الدواب ماله ستة أرجل. والذكر من هذا النوع يطرد الذكور عن الإناث، وربما قتل أحدهما صاحبه، وربما هلكا جميعا. وإذا كان زمن هيجان الخنازير، طأطأت رؤوسها، وحركت أذنابها، وتغيرت أصواتها. وتضع الخنزيرة عشرين خنوصا، وتحمل من نزوة واحدة، والذكر ينزو إذا تمت له ثمانية أشهر، والأنثى تضع إذا مضى لها ستة أشهر. وفي بعض البلاد ينزو الخنزير إذا تمت له أربعة أشهر، والأنثى تحمل جراءها وتربيها، إذا تمت لها ستة أشهر أو سبعة. وإذا بلغت الأنثى خمس عشرة سنة لا تلد. وهذا الجنس أنسل الحيوان، والذكر أقوى الفحول على السفاد وأطولها مكثا فيه، يقال: إنه ليس لشيء من ذوات الأنياب والأذناب، ما للخنزير من القوة في نابه، حتى إنه يضرب بنابه صاحب السيف والرمح، فيقطع كل ما لاقى من جسده من عظم وعصب، وربما طال ناباه فيلتقيان فيموت عند ذلك جوعا لأنهما يمنعانه من الأكل. وهو متى عض كلبا سقط شعر الكلب. وهو إذا كان وحشيا ثم تأهل، لا يقبل التأديب. ويأكل الحيات أكلا ذريعا، ولا يؤثر فيه سمومها، وهو أروغ من الثعلب، وإذا جاع ثلاثة أيام ثم أكل سمن في يومين، وهكذا تفعل النصارى بالخنازير في الروم يجيعونها ثلاثة أيام، ثم يطعمونها يومين لتسمن. وإذا مرض أكل السرطان فيزول مرضه. وإذا ربط على حمار ربطا محكما، ثم بال الحمار مات الخنزير.
[ومن عجيب أمره:]
أنه إذا قلعت إحدى عينيه مات سريعا، وفيه من الشبه بالإنسان أنه ليس له جلد يسلخ إلا أن يقطع بما تحته من اللحم وروى الخباري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «١» : «والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم عليه السلام حكما مقسطا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد» . وفي رواية «يهلك في زمانه الملل كلها إلا الإسلام، ويهلك الدجال، ويمكث في الأرض أربعين سنة ثم يتوفاه الله فيصلي عليه المسلمون» . وهذا الحديث رواه أبو داود في آخر سننه في كتاب الملاحم مطوّلا قال الخطابي: وفي قوله: «ويقتل الخنزير» دليل على وجوب قتل الخنازير، وبيان أن أعيانها نجسة، وذلك أن عيسى عليه السلام إنما ينزل في آخر الزمان وشريعة الإسلام باقية وقوله:«ويضع الجزية» معناه أنه يضعها عن النصارى واليهود وأهل الكتاب، ويحملهم على الإسلام فلا يقبل منهم غير دين الحق. فذلك معنى وضعها. وفي أواخر الموطأ عن يحيى بن سعيد أن عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام لقي خنزيرا على الطريق، فقال له:
إذهب بسلام، فقيل له: أتقول هذا الخنزير؟ فقال عيسى عليه الصلاة والسلام: إني أخاف أن أعود لساني النطق بالسوء.