للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حتى يجب الغسل من ولوغه وسائر أجزائه سبعا إذا تولد بين كلب وذئب. وكما يتبع الأخس في الأنكحة حتى إذا تولد بين كتابي ووثني لم تحل مناكحته، وقد خالفوا هذا الأصل في باب الجزية، فقالوا: يعقد للمتولد بين كتابي ووثني، وفي الديات ألحقوه بأكثرهما دية، وهو الأصح المنصوص.

وقيل: يتبع أقلهما دية. وقيل يعتبر بالأب. وهذه الأقوال حكاها الرافعي في باب الغرة وفي الحج جعلوه تابعا للأغلظ تكليفا، حتى لو قتل متولدا بين ظبي وشاة وجب عليه الجزاء، وعكسوا ذلك في الزكاة، فلم يوجبوها في المتولد بين الأهلي والوحشي، وفي إيجابها في المتولد بين انسيين كبقرة وجاموس نظر. وجعلوه تابعا لأشرفهما دينا، حتى لو كان أحد الأبوين مسلما عند العلوق، أو أسلم قبل بلوغه حكم بإسلام الصغير تبعا وجعلوه تابعا للأم في الرق والحرية، أعني ما دام حملا، إلا في المستولدة والمغرور بحريتها. وجعلوه تابعا للأب في النسب مطلقا، لأن النسب يعتبر بالآباء دون الأمهات. واستثنوا من ذلك أولاد بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنهم ينسبون إليه، دون أولاد بنات غيره، وهذا من خصائصه صلى الله عليه وسلم. وجعلوا ولد الزنا مقطوع النسب عن أبيه. والمنفي ليس كذلك لأنه لو استحلفه لحقه ولم يتعرضوا للتبعية في بابي الأضحية والعقيقة والاحتياط اعتبار أكثر السنين فيه، حتى لو تولد بين ضأن ومعز اشترط لإجزائه في الأضحية طعنه في السنة الثالثة اعتبارا بأكثر الأبوين سنا، وهو المعز ولم يتعرضوا أيضا له في الربويات وفائدته أنه هل يجعل جنسا برأسه، حتى يباع لحمه بلحم أي الأبوين كان مفاضلة، أو يجعل كالجنس الواحد احتياطا فيحرم التفاضل؟

وهذا هو الأقرب اعتبار الضيق باب الربا. ولم يتعرضوا له أيضا في السلم والقرض حتى لو أقرضه حيوانا متولدا بين حيوانين، أو أسلم إليه في لحمه أو لحم ضأن أو معز، فأتاه بلحم متولد بين ضأن ومعز فالمتجه عدم جواز قبوله، لأنه نوع آخر والاستبدال عن النوع، بنوع آخر لا يجوز على الصحيح. ولم يتعرضوا له أيضا في الشركة والوكالة والقراض، كل ذلك لندوره والمتجه المنع في الجميع لأن هذه العقود إنما تصح فيما يعم وجوده ولو أوصى لرجل بشاة فأعطاه الوارث متولدا بين ضأن ومعز لم يجبر على القبول، لأن الوصية إنما تحمل على المتعارف والله تعالى أعلم.

[الأمثال:]

قالوا: «فلان أكفر من حمار» «١» وهو رجل من عاد كان يقال له حمار بن مويلع، وقيل هو حمار بن مالك بن نصر الأزدي كان مسلما، وكان له واد طوله مسيرة يوم في عرض أربعة فراسخ، لم يكن ببلاد العرب أخصب منه، وفيه من كل الثمار فخرج بنوه يوما يتصيدون، فأصابتهم صاعقة فهلكوا فكفر وقال: لا أعبد من فعل هذا ببني. ودعا قومه إلى الكفر، فمن عصاه قتله، فأهلكه الله وأخرب واديه فضربت العرب به المثل في الكفر. قال الشاعر:

ألم تر أن حارثة بن بدر ... يصلي وهو أكفر من حمار

[الخواص:]

قال ابن وحشية وابن السويدي وغيرهما: النظر إلى أعين الحمر الوحشية يديم صحة العين، ويمنع نزول الماء إليها بخاصة عجيبة أودعها الله فيها، والاكتحال بمرارتها يحد البصر ويزيل ظلمته ويمنع من ابتداء نزول الماء في العين. وأكل سمين لحمها ينفع من مرض المفاصل ويزيله، ولحمها أيضا ينفع من النقرس نفعا بينا وشحمها إذا طلي به الكلف أزاله ومرارتها تنفع

<<  <  ج: ص:  >  >>