للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العبادة والعافية وفي الآخرة الجنة والمغفرة. وقيل: الحسنة نعيم الدنيا ونعيم الآخرة.

وفي تاريخ ابن النجار وعوالي أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن المثنى بن أنس بن مالك الأنصاري قاضي البصرة وعالمها ومسندها، وهو من كبار شيوخ البخاري، من حديث الحسن بن أبي الحسن عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كان فيمن قبلكم رجل يأتي وكر طائر، كلما أفرخ أخذ فراخه فشكا ذلك الطائر إلى الله تعالى ما يفعل به، فأوحى الله تعالى إليه إن عاد فسأهلكه، فلما أفرخ ذلك الطير، خرج ذلك الرجل كما كان يخرج، فبينما هو في بعض الطريق سأله سائل فأعطاه رغيفا كان معه يتغذاه، ثم مضى حتى أتى الوكر ووضع سلمه ثم صعد فأخذ الفرخين وأبواهما ينظران إليه، فقالا: ربنا إنك لا تخلف الميعاد، وقد وعدتنا أنك تهلك هذا إذا عاد، وقد عاد وأخذ فرخينا ولم تهلكه، فأوحى الله إليهما، ألم تعلما أني لا أهلك أحدا تصدق بصدقة في يومه بموتة سوء وقد تصدق» .

[فائدة]

: كانت رؤية فرخ الطائر سببا لتمني حنة امرأة عمران الولد، وذلك أنها كانت عاقر لم تلد إلى أن عجزت، فبينما هي في ظل شجرة إذ رأت طائرا يزق فرخا فتحركت نفسها للولد وتمنته فقالت: رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ

«١» ، أي السميع لدعائي العليم بضميري، فنذرت أن تتصدق به على بيت المقدس، فيكون من سدنته وخدمته، وكان ذلك في شريعتهم جائزا فحملت بمريم، وهلك عمران وهي حامل فَلَمَّا وَضَعَتْها، قالَتْ: رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى وَإِنِّي سَمَّيْتُها مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ، فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً

«٢» ووصفها بأنها أحصنت فرجها. قال الزمخشري: إحصانا كليا عن الحلال والحرام جميعا. كما قال «٣» تعالى: وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا

وقال السهيلي: أحصنت فرجها، يريد فرج القميص، أي لم يتعلق بثوبها ريبة، فهي طاهرة الأثواب، وفروج القميص أربعة: الكمان والأعلى والأسفل فلا يذهبن فكرك إلى غير هذا، وهذا من لطيف الكناية لأن القرآن أنزه معنى وأوجز لفظا، وألطف إشارة، وأحسن عبارة، من أن يريد ما يذهب إليه وهم الجاهل، لا سيما والنفخ من روح القدس، بأمر القدوس، فأضف القدس إلى القدوس، ونزه المقدسة عن الظن الكاذب والحدس وبالله التوفيق.

[فرع]

: ومن أحكام الفرخ أنه إذا غصب إنسان بيضا فحضنه دجاجه، كانت الفراخ لصاحب البيض لأنها من عين المغصوب، وقال أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه: يضمن البيض ولا يرد الفراخ، واستدل على ذلك بأنه خلق سوى البيض، قال تعالى في سورة المؤمنون: ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ

«٤» .

وفي كتاب التحفة المكية للقاضي نصر العمادي، عن إبراهيم بن أدهم رحمه الله تعالى أنه قال: بلغني أنه كان رجل من بني إسرائيل ذبح عجلا بين يدي أمه فأيبس الله يده، فبينما هو ذات

<<  <  ج: ص:  >  >>