للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

«كمجير أم عامر» فقال: كان من حديثه أن قوما خرجوا إلى الصيد، في يوم حار، فبينما هم كذلك إذ عرضت لهم أم عامر وهي الضبع، فطردوها فاتبعتهم حتى ألجؤوها إلى خباء أعرابي، فاقتحمته. فخرج إليهم الأعرابي فقال: ما شأنكم؟ فقال: صيدنا وطريدتنا، قال: كلا والذي نفسي بيده لا تصلون إليها ما ثبت قائم سيفي بيدي. قال: فرجعوا وتركوه، فقام إلى لقحة له فحلبها وقرب إليها ذلك، وقرب إليها ماء، فأقبلت مرة تلغ من هذا ومرة تلغ من هذا حتى عاشت واستراحت، فبينما الأعرابي نائم في جوف بيته، إذ وثبت عليه فبقرت بطنه، وشربت دمه، وأكلت حشوته وتركته. فجاء ابن عم له فوجده على تلك الصورة، فالتفت إلى موضع الضبع فلم يرها فقال: صاحبتي والله، وأخذ سيفه وكنانته واتبعها، فلم يزل حتى أدركها فقتلها وأنشأ يقول:

ومن يصنع المعروف من غير أهله ... يلاقي الذي لاقى مجير أم عامر

أدام لها حين استجارت بقربه ... قراها من البان اللقاح الغزائر

وأشبعها حتى إذا ما تملأت ... فرته بأنياب لها وأظافر

فقل لذوي المعروف هذا جزاء من ... غدا يصنع المعروف مع غير شاكر

ومن الأمثال: قال الميداني: قالوا: «ما يخفى هذا على الضبع» يضرب للشيء يتعالمه الناس، والضبع أحمق الدواب.

[الخواص]

: قال صاحب عين الخواص: الضبع تجذب الكلاب كما يجذب المغناطيس الحديد. وذلك أنه إذا كان كلب على سطح في ليلة مقمرة مضيئة ووطئت الضبع ظله في الأرض، يقع الكلب من السطح فتأكله الضبع. وشحم الضبع، إذا طلي به الجسد أمن من مضرة الكلاب، ومرارتها، إذا يبست، وسقي امرأة منها قدر نصف دانق، أبغضت المجامعة وذهبت منها الشهوة. وإذا اتخذ من جلد الضبع منخل، ونخل به البزور، وزرعت لا يضره الجراد، ذكر ذلك كله محمد بن زكريا الرازي، في كتبه انتهى.

قال عطارد بن محمد: الضبع تهرب من عنب الثعلب، فإذا طلي بعصارته الجسد أمن من مضرة الضبع، وجلد الضبع إذا أمسكه إنسان، لم تنبح عليه الكلاب. ومرارتها يكتحل بها تنفع من ظلمة البصر، والماء في العين وتحد البصر وتقويه، وعينها اليمنى تقلع وتنقع في الخل سبعة أيام، ثم تخرج منه وتجعل تحت فص خاتم، فمن لبسه لم يخف سحرا ولا عينا ما دام لا بسه، ومن كان به سحر، فغسل ذلك الخاتم بماء، ثم يسقى منه فإن السحر يذهب عنه. وهو نافع للربط وغيره من أنواع السحر، ورأس الضبع، إذا جعل في برج حمام، كثر فيه الحمام، ولسانها، من أمسكه بيده اليمنى لم تنبح عليه الكلاب ولم تؤذه، وحذاق العيارين يفعلون ذلك.

ومن خاف الضباع، فليأخذ بيده أصلا من أصول العنصل «١» ، فإنها تهرب منه. وإذا بخر الصبي العليل سبعة أيام بشعر قفا الضبع، فإنه يبرأ. وإذا سقيت المرأة قضيب الضبعان مسحوقا، وهي لا تعلم أذهب عنها شهوة الجماع. ومن علق عليه قطعة من فرجها صار محبوبا

<<  <  ج: ص:  >  >>