ومن خواص الكلب العجيبة، أنه لا يلغ في دم مسلم. قال القاضي عياض، في الشفاء:
أفتى فقهاء القيروان وأصحاب سحنون بقتل ابراهيم الفزاري، وكان شاعرا ماهرا متفننا في كثير من العلوم، وكان يحضر مجلس القاضي أبي العباس بن أبي طالب، طلبا للمناظرة فضبطت عليه أمور منكرة من الاستهزاء بالله تعالى والأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فقتل ثم صلب منكسا، وأنزل وأحرق بالنار، ولما رفعت خشبته وزالت عنها الأيدي، استدارت وتحولت عن القبلة، وجاء كلب فولغ في دمه. فقال يحيى بن عمر: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه قال: «لا يلغ الكلب في دم مسلم» .
وإذا قطع لسان كلب أسود، وأخذه إنسان في يده، لم تنبح عليه الكلاب، وإن أخذت قرادة من أذن كلب، وأمسكها إنسان في يده خضعت له الكلاب كلها حتى ذلك الكلب المأخوذة منه. وإن علقت أسنانه على صبي، خرجت أسنانه من غير تعب، وأنيابه إذا علقت على من به عضة الكلب الكلب سكن عنه وجعها، وإذا علقت على من به اليرقان الظاهر نفعه، وإن حمل إنسان معه ناب الكلب لم تنبحه الكلاب. وذكره إذا جفف وعلق على الفخد هيج الباه. ومن كان يلقى من القولنج شدة، فليقم كلبا نائما وليبل في مكانه، فإنه يزول عنه من وقته ويموت الكلب.
ونابه إذا علق على من يتكلم في نومه سكن، ولبن الكلبة إذا طلي به الشعر حلقه، وإن شرب بالماء سكن من وقته السعالي. وبوله إذا طلي به على الثآليل قلعها، وقراده إذا نقع في نبيذ وشربه شارب سكر من وقته. وشعر الكلب الأسود البهيم، إذا علق على المصروع نفعه، ومن كان عنده عبد أبق وأحب أن لا يأبق، فليأخذ جرو كلب صغيرا فيحرقه ثم يسحقه بزيت، ويطلي به رأسه فإنه لا يأبق، مجرب، قاله القزويني وغيره. ولبن الكلبة إذا شرب نفع من السموم القاتلة، ويخرج الأجنة والمشيمة، ومن اكتحل بلبن كلبة سهر ليله كله. وزبله إذا سحق وعجن بماء الكزبرة، وطلي به الأورام الحادة نفعها بإذن الله تعالى.
[التعبير]
: الكلاب في الرؤيا عند المسلمين عبيد، وفي الحديث «أن الكلب من الممسوخ» ، وأوله المعبرون برجل سفيه مجترىء على العاصي، وإذا نبح فهو سفيه مشنع طمع، فمن رأى كلبا عضه أو خدشه، ناله من عدوه هم بقدر الألم، وربما مرض، وربما دلت رؤية الكلب على الانكلاب على الدنيا، مع عدم الادخار ورؤية كلب أهل الكهف في المنام، تدل على الخوف أو السجن أو الهرب أو الاختفاء، ورؤيته في البلد دليل على تجديد ولاية، وربما دل الكلب على الكفر والإياس من رحمة الله تعالى، لقوله «١»
تعالى: فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ
الآية.
وكلب الصيد عز ورفعة ورزق، وكلب الماشية رجل صاحل غيور على الأهل والجار، قاله ابن المقري. ومن رأى كلبا مزق ثيابه، فإن سفيها يغتابه، وإن لم يسمع نباحه فهو عدو، وتزول عداوته بشيء يسير.
والكلب يعبر برجل من الأهل، فمن نازعه كلب نازعه رجل من أهله، وربما عبر بالمشنع إذا نبح، أو بسماع نواح، أو بفتح بيت الخلاء. والكلبة امرأة دنيئة من قوم معاندين، والجرو ولد