للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[فائدة أخرى]

: قال أبو الهيثم: يقال: إن الغراب يبصر من تحت الأرض بقدر منقاره.

والحكمة في أن الله تعالى بعث إلى قابيل، لما قتل أخاه هابيل، غرابا ولم يبعث له غيره من الطير، ولا من الوحش أن القتل كان مستغربا جدا، إذ لم يكن معهودا قبل ذلك فناسب بعث الغراب.

قال الله تعالى: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبا قُرْباناً

«١» الآيات. قال المفسرون: كان قابيل صاحب زرع، فقرب أرذل ما عنده وأدناه، وكان هابيل صاحب غنم فعمد إلى أفضل كباشه فقربه. وكان دليل القبول أن تأتي نار تأكل القربان، فأخذت النار الكبش الذي قربه هابيل، فكان ذلك الكبش يرعى في الجنة، حتى أهبط إلى إبراهيم عليه الصلاة والسلام في فداء ولده إسماعيل عليه الصلاة والسلام. وكان قابيل أسن ولد آدم عليه الصلاة والسلام.

وروي أن آدم حج إلى مكة وجعل قابيل وصيا على بنيه فقتل قابيل هابيل فلما رجع آدم قال: أين هابيل؟ فقال: لا أدري. فقال آدم: اللهم العن أرضا شربت دمه! فمن ذلك الوقت لم تشرب الأرض دما.

ثم إن آدم بقى مائة عام لا يبتسم، حتى جاءه ملك الموت، فقال له: حياك الله يا آدم وبياك، قال: وما بياك؟ قال: أضحكك. وروي أن قابيل حمل أخاه هابيل ومشى به حتى أروح، ولم يدر ما يصنع به، فبعث الله غرابين، فقتل أحدهما الآخر، ثم بحث في الأرض بمنقاره ودفنه، فاقتدى به قابيل، فكان بعث الغراب حكمة كبرى ليرى ابن آدم كيف المواراة، وهو معنى قوله «٢» تعالى: ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ

وروى أنس رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «امتن الله تعالى على ابن آدم بالريح بعد الروح ولولا ذلك ما دفن حبيب حبيبا» .

وقابيل أول من يساق إلى النار من ولد آدم قال «٣» الله تعالى: رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ

وهما قابيل وإبليس.

وروى أنس رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن يوم الثلاثاء، فقال: «يوم الدم فيه حاضت حواء، وفيه قتل ابن آدم أخاه «٤» » . قال مقاتل: وكان قبل ذلك السباع والطيور تستأنس بآدم، فلما قتل قابيل هابيل، هربت منه الطير والوحش، وشاكت الأشجار، وحمضت الفواكه، وملحت المياه، واغبرت الأرض. وروى أبو داود، عن سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه، أنه قال: يا رسول الله إن دخل علي إنسان في الفتنة، وبسط إلي يده فقال: «كن كخير ابني آدم» «٥» . وتلا هذه الآية.

[عجيبة]

: نقل القزويني عن أبي حامد الأندلسي أن على البحر الأسود، من ناحية الأندلس، كنيسة من الصخر، منقورة في الجبل، عليها قبة عظيمة وعلى القبة غراب لا يبرح، وفي مقابل القبة مسجد يزوره الناس، يقولون: إن الدعاء فيه مستجاب، وقد شرط على القسيسين ضيافة

<<  <  ج: ص:  >  >>