للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأمر بالإطفاء، وإن أمن ذلك كما هو الغالب، فالظاهر أنه لا بأس بتركها، لانتفاء العلة التي علل بها النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا انتفت العلة زال المنع، وقد تقدم في باب الصاد المهملة، في لفظ الصيد الكلام على الفواسق الخمس، وما ألحق بها مما يباح قتله للمحرم، وفي الحرم.

والفأر نوعان: جرذان وفئران، وكلاهما له حاسة السمع والبصر، وليس في الحيوانات أفسد من الفأر ولا أعظم أذى منه، لأنه لا يبقي على حقير ولا جليل، ولا يأتي على شيء إلا أهلكه وأتلفه، ويكفيه ما يحكى عنه في قصة سد مأرب، وقد تقدمت في باب الخاء المعجمة، في لفظ الخلد، ومن شأنه أنه يأتي القارورة الضيقة الرأس، فيحتال حتى يدخل فيها ذنبه، فكلما ابتل بالدهن أخرجه وامتصه حتى لا يدع فيها شيئا. ولا يخفى ما بين الفأر والهر من العداوة، والسبب في ذلك ما تقدم في أول خواص الأسد من حديث زيد بن أسلم رضي الله تعالى عنه، أن نوحا عليه الصلاة والسلام لما حمل في السفينة، من كل زوجين اثنين شكا أهل السفينة الفأرة وأنها تفسد طعامهم، ومتاعهم فأوحى الله تعالى إلى الأسد، فعطس فخرجت منه الهرة فتخبأت الفأرة منها.

[تذنيب:]

قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: اتخذ نوح السفينة في سنتين، وكان طول السفينة ثلاثمائة ذراع، وعرضها خمسون ذراعا، وطولها في السماء ثلاثون ذراعا، وكانت من خشب الساج، وجعل لها ثلاثة بطون، فحمل في البطن الأسفل الوحوش والسباع والهوام، وفي البطن الأوسط الدواب والأنعام، وركب هو ومن معه في البطن الأعلى مع ما يحتاج إليه من الزاد.

وروي أن الطبقة السفلى، كانت للدواب والوحوش، والوسطى للإنس، والعليا للطير.

فلما كثرت أرواث الدواب، أوحى الله تعالى إلى نوح أن اغمز ذنب الفيل، ففعل فوقع منه خنزير وخنزيرة، فأقبلا على الروث. فلما وقع الفأر بحرف السفينة جعل يقرضها وحبالها، فأوحى الله تعالى إليه أن اضرب بين عيني الأسد فضرب، فخرج من منخره سنور وسنورة فأقبلا على الفأر.

وعن الحسن قال: كان طول السفينة ألفا ومائتي ذراع وعرضها ستمائة ذراع. والمعروف ما روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن طولها ثلاثمائة ذراع. وقال قتادة رضي الله تعالى عنه:

كان بابها في عرضها، وقال زيد بن أسلم: مكث نوح عليه السلام مائة سنة يغرس الأشجار ويقطعها، ومائة عام يعمل الفلك. وقال كعب الأحبار: مكث نوح عليه السلام، في عمل السفينة ثلاثين سنة. وقيل: غرس الشجر أربعين سنة وجففه أربعين سنة.

وزعم أهل التوراة، أن الله تعالى أمره أن يصنع الفلك من خشب الساج، وأن يضعه أزور، وأن يطليه بالقار من داخله ومن خارجه، وأن يجعل طوله ثمانين ذراعا، وعرضه خمسين ذراعا، وطوله في السماء ثلاثين ذراعا. والذراع إلى المنكب، وأن يجعله ثلاث أطباق: سفلى ووسطى وعليا، وأن يجعل فيه كوى فصنعه نوح كما أمر الله تعالى.

[وأما الزباب والخلد:]

فتقدما.

[وأما اليربوع:]

فسيأتي في بابه، وقد تقدم في باب العين المهملة في لفظ العقعق، عن سفيان

<<  <  ج: ص:  >  >>