للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناصية. والذكر من الطواويس ملك أعجمي، فمن رأى أنه يواخي الطواويس، فإنه يواخي ملوك العجم، وينال منهم جارية نبطية. وقال ارطاميدورس: الطواويس في الرؤيا تدل على أقوام صباح الوجوه، ضحاك السن. وقيل: الطاوس امرأة أعجمية غير مسلمة والله أعلم.

[الطائر:]

واحد الطيور والأنثى طائرة، وهي قليلة، وجمع الطير أطيار وطيور. والطيران حركة ذي الجناحين في الهواء بجناحيه قال «١» الله تعالى: وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ، وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ، إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ

أي في الخلق والرزق، والحياة والموت، والحشر والمحاسبة، والاقتصاص من بعضها لبعض كما تقدم. فإذا كان يفعل هذا بالبهائم، فنحن أحرى إذ نحن مكلفون عقلا. وقيل: أمم أمثالكم في التوحيد والمعروفة، قاله عطاء. وقوله بجناحيه تأكيد وإزالة للاستعارة المتعاهدة في هذه اللفظة، فقد يقال طائر للنحس والسعد. وقال الزمخشري: الغرض من ذكر ذلك، الدلالة على عظيم قدرة الله ولطف علمه، وسعة سلطانه وتدبيره، تلك الخلائق المتفاوتة والأجناس المتكاثرة الأصناف، وهو حافظ لما لها وما عليها، ومهيمن على أحوالها، لا يشغله شأن عن شأن. روى أحمد، باسناد صحيح عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «طير الجنة كأمثال البخت ترعى في شجر الجنة» «٢» . قال أبو بكر: يا رسول الله إن هذه الطير لناعمة قال صلى الله عليه وسلم:

«آكلها أنعم منها قالها ثلاثا وإني لأرجو أن تكون ممن يأكل منها» «٣» . ورواه الترمذي بنحو هذا اللفظ، وقال: إنه حسن. وروى البزار عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنك لتنظر إلى الطير في الجنة فتشتهيه فيخر بين يديك مشويا» . وفي أفراد مسلم عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

«يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير» «٤» . قال النووي: قيل مثلها في وقتها وضعفها، كالحديث الآخر «أهل اليمن أرق وأضعف أفئدة» . وقيل في الخوف والهيبة، لأن الطير أكثر الحيوان خوفا وفزعا، كما قال تعالى: إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ

«٥» وكأن المراد قوم غلب عليهم الخوف، كما جاء عن جماعات من السلف من شدة خوفهم. وقيل: المراد متوكلون، وقيل: الطائر ما تيامنت به أو تشاءمت به، وأصله في ذي الجناح. وقالوا: طائر الله لا طائرك، فرفعوه على إرادة: هذا طائر الله، وفيه معنى من الدعاء. وطائر الانسان عمله، الذي قلده، وقيل: رزقه، والطائر الحظ من الخير والشر، وقوله تعالى: وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ

«٦» قيل: حظه، وقال المفسرون: ما عمل من خير أو شر ألزمناه عنقه، فلكل امرىء حظ من الخير والشر، قد قضاه الله تعالى، فهو ملازم عنقه. وإنما قيل: للحظ من الخير والشر طائر، لقول العرب: جرى له الطائر بكذا من الشر، على طريق الفأل. وفي سنن أبي داود وغيرها عن أبي رزين، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الرؤيا على جناح طائر ما لم تعبر فإذا عبرت وقعت» «٧» قال: وأحسبه قال: «ولا تعبرها إلا على ذي ود أو ذي رأي» .

<<  <  ج: ص:  >  >>