وغيره. وقالوا «١»«كالحادي وليس له بعير» . يضرب للمتشبع بما لم يعط، وأحسن من هذا وأوجز قوله «٢» صلى الله عليه وسلم: «المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور» .
وقال بعض المعمرين:
أصبحت لا أحمل السلاح ولا ... أملك رأس البعير إذ نفرا
والذئب أخشاه إن مررت به ... وحدي وأخشى الرياح والمطرا
من بعد ما قوة أصيب بها ... أصبحت شيخا أعالج الكبرا
[تذنيب:]
قال الإمام أبو الفرج بن الجوزي، في الأذكياء «٣» وغيره، روي أن الحسن بن هانىء، الشهير بأبي نواس، قال استقبلتني امرأة في هودج على بعير، ولم تكن تعرفني، فأسفرت عن وجهها، فإذا هو في غاية الحسن والجمال، فقالت: ما اسمك؟ فقلت: وجهك.
فقالت: الحسن إذن. ومما يشبه هذا الذكاء، ما نقل أن المأمون غضب على عبد الله بن طاهر، وشاور أصحابه في الإيقاع به، وكان قد حضر ذلك المجلس صديق له، فكتب له كتابا فيه «بسم الله الرحمن الرحيم يا موسى» ، فلما فضه ووجد ذلك فعجب وبقي يطيل النظر إليه ولا يفهم معناه، وكانت له جارية واقفة على رأسه، فقالت له: يا سيدي إني أفهم معنى هذا. فقال: وما هو؟ فقالت: إنه أراد قوله «٤» تعالى: يا مُوسى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ
وكان قد عزم على الحضور إلى المأمون، فثنى العزم عن ذلك واعتذر للمأمون في عدم الحضور. فكان ذلك سبب سلامته. وأحسن من هذا ما ذكره ابن خلكان فقال: إن بعض الملوك غضب على بعض عماله، فأمر وزيره أن يكتب إليه كتابا يشخصه به، وكان للوزير بالعامل عناية فكتب إليه كتابا، وكتب في آخره إن شاء الله تعالى، وجعل في صدر النون شدة، فتعجب العامل كيف وقعت هذه الحركة من الوزير، إذ من عادة الكتاب أن لا يشكلوا كتبهم، ففكر في ذلك فظهر له أنه أراد إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ
، فكشط الشدة وجعل مكانها ألفا، وختم الكتاب وأعاده للوزير. فلما وقف عليه الوزير سر بذلك وفهم أنه أراد: إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا «٥» فِيها
والله تعالى أعلم.
[البغاث:]
بفتح الباء الموحدة وكسرها وضمها ثلاث لغات، وبالغين المعجمة، طائر أغبر دون الرخمة بطيء الطيران، وهو من شرار الطير، ومما لا يصيد منها، وقال يونس: من جعل البغاث واحدا فجمعه بغثان مثل غزال وغزلان. ومن قال للذكر والأنثى بغاثة فالجمع بغاث مثل نعامة ونعام. وبغاث الطير شرارها وما لا يصيد منها. قال الشيخ أبو إسحق في المهذب في باب