وتوفي أبو الحسن بن الرومي ببغداد في جمادى الأولى سنة ثلاث وثمانين ومائتين، وفيه خلاف. وكان سبب موته، على ما قاله ابن خلكان وغيره، أن القاسم بن عبيد الله وزير المعتضد خاف من هجوه، فدس عليه أبو فراس فأطعمه خشكنانة مسمومة، فلما أحس بالسم قام، فقال له الوزير: إلى أين تذهب؟ فقال: إلى الموضع الذي بعثتني إليه، فقال: سلم على والدي، فقال:
ما طريقي على النار. فأقام أياما ومات.
[الحكم]
: يحرم أكل الصقر لعموم النهي عن أكل كل ذي ناب من السباع، ومخلب من الطير. قال الصيدلاني: اختلف في الجوارح ما هي؟ فقيل: ما يجرح الصيد بناب أو مخلب أو ظفر، وقيل: الجوارح الكواسب وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: الجوارح الصوائد. وهذا راجع إلى معنى الكسب انتهى.
فجميع الجوارح عندنا محرمة، لعموم هذا النهي المتقدم ذكره قريبا، وذهب مالك إلى حلها، وقال: ما لا نص فيه حلال، حتى هدى بعض أصحابه ذلك إلى الكلب والأسد والنمر والدب والقرد وغير ذلك. وقال في الحمار الأهلي: إنه مكروه، وفي الفرس والبغل إنهما حرامان، احتجاجا بقوله «١» تعالى: قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً
الآية. وأجاب الشافعي عن ذلك فقال: يعني مما كنتم تأكلون إذ لا معنى لإباحة شيء مما لا يأكلونه ولا يستطيبونه كما لا يصح أن يحمل قوله «٢» تعالى: وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً
على ما هو حرام قبل، وإنما يصح على ما يعتاد صيده.
[الأمثال]
: قالوا: «أخلف من صقر»«٣» ، وهو من خلوف الفم بفتخ الخاء المعجمة وهو تغير رائحته ومنه قوله صلى الله عليه وسلم:«لخلوف فم الصائم عند الله أطيب من ريح المسك»«٤» . ووقع نزاع بين الشيخ أبي عمرو بن الصلاح، والشيخ عز الدين بن عبد السلام، رحمهما الله تعالى، في أن هذا الطيب في الدنيا والآخرة معا، أم في الآخرة خاصة؟ فقال الشيخ عز الدين: في الآخرة خاصة لقوله صلى الله عليه وسلم في رواية «٥» لمسلم «والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك يوم القيامة» . وقال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح: هو عام في الدنيا والآخرة واستدل بأشياء كثيرة فذكرها، منها ما جاء في مسند ابن حبان بكسر الحاء المهملة، وهو من أصحابنا الفقهاء المحدثين، قال: باب في كون ذلك يوم القيامة، وباب في كونه في الدنيا، وروى في هذا الباب بإسناده الثابت الصحيح، أنه صلى الله عليه وسلم قال:«لخلوف فم الصائم حين يخلف، أطيب عند الله من ريح المسك» .
وروى الإمام أبو الحسن بن سفيان، بسنده عن جابر رضي الله تعالى عنه قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أعطيت أمتي في شهر رمضان خمسا قال: وأما الثانية فإنهم يمسون وخلوف