فليحرر ذلك وقد ذكر الخلفاء كما هنا الذهبي على هذا الترتيب.
[خلافة أبي المظفر يوسف المستنجد بالله بن المقتفي]
ثم قام بالأمر بعده، ابنه أبو المظفر يوسف المستنجد بالله بن المقتفي، وكان أبوه ولاه العهد في سنة سبع وأربعين وخمسمائة. بويع له بالخلافة بعد موت أبيه بيوم وقيل بل يوم مات أبوه، قال ابن خلكان في ترجمته: وهنا نكتة لطيفة وهي أن المستنجد رأى في منامه، في حياة والده المقتفي أن ملكا نزل من السماء، فكتب في كفه أربع خاآت، فطلب معبرا وقص عليه ما رآه، فقال له: تلي الخلافة سنة خمس وخمسين وخمسمائة فكان كذلك. وتوفي في سنة ست وسبعين وخمسمائة في ثامن شهر ربيع الثاني وحبس في حمام، وهو ابن ثمان وأربعين سنة وكانت خلافته إحدى وعشرين سنة وكان موصوفا بالعدل والديانة وأبطل المكوس وقام كل القيام على المفسدين وله شعر وسط وأمه طاوس الكوفية أدركت دولته.
[خلافة المستضيء بنور الله بن المستنجد]
ثم قام بالأمر بعده، ابنه أبو الحسن علي المستضيء بنور الله بن المستنجد. بويع له بالخلافة يوم وفاة أبيه، وخطب له بالديار المصرية واليمن، وكانت الدولة العباسية منقطعة منهما، من زمن المطيع، وكان جوادا كريما مؤثرا للخير كثير الصدقات معظما للعلم وأهله. وتوفي في سنة خمس وتسعين وخمسمائة، وكانت خلافته تسع عشرة سنة وعاش تسعا وثلاثين. وكان سمحا جوادا محبا للسنة، أمنت البلاد في زمنه، وأبطل مظالم كثيرة، واحتجب عن أكثر الناس ولم يكن يركب إلا مع مماليكه ولم يكن يدخل عليه غير الأمير قيماز «١» .
[خلافة أبي العباس أحمد الناصر لدين الله]
ثم قام بالأمر بعده، ابنه أبو العباس أحمد الناصر لدين الله بن المستضيء. بويع له بالخلافة في بغداد يوم وفاة أبيه، في أول ذي القعدة سنة خمس وتسعين وخمسمائة، وعمره ثلاث وعشرون سنة فبسط العدل وأمر باراقة الخمور وكسر الملاهي وإزالة المكوس والضرائب. فعمرت البلاد، وكثرت الأرزاق، وقصد الناس بغداد، وتبركوا به. توفي سنة اثنتين وعشرين وستمائة، وهو ابن خمسين سنة وذلك في سلخ شهر رمضان، وحمل على أعناق الرجال إلى البدرية ودفن بها رحمة الله تعالى عليه.
وكانت خلافته سبعا وعشرين سنة، وكان أبيض تركي الوجه، أقنى الانف مليحا خفيف العارضين، أشقر اللحية رقيق المحاسن، فيه شهامة وإقدام وله عقل وكان فيه دهاء وفطنة، وتيقظ ونهضة بأعباء الخلافة. وكان في أكثر الليل يشق الدروب والأسواق. وكان الناس يتهيبون