للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم اضطجع عليه وقال: أنا أبو حسن القرم، والله لا أبرح من مكاني حتى يرجع إليكما ابناكما، فلما رجعا قالا: ذهبنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقلنا: يا رسول الله أنت أبر الناس، وأوصل الناس، وقد بلغنا النكاح، وقد جئنا لتؤمرنا على بعض هذه الصدقات، فنؤدي إليك ما يؤدي الناس، ونصيب ما يصيبون. فسكت صلى الله عليه وسلم طويلا، ثم قال «١» : «إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد، إنما هي أوساخ الناس، ادعوا محمئة بن جزء ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب» . قالا: فجاآه، فقال لمحمئة:

«أنكح الفضل ابنتك» فأنكحه، وقال لنوفل بن الحارث: «أنكح عبد المطلب ابنتك» . فأنكحه.

وقال لمحمئة: «أصدق عنهما من الخمس كذا وكذا» . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمله على الأخماس انتهى.

ملخصا قوله أنا أبو حسن القرم، هو بتنوين حسن، والقرم مرفوع، قال ذلك لأجل الذي كان عنده من علم ذلك. وكان رضي الله تعالى عنه يقول هذه الكلمة عند الأخذ في بيان قضية تشكل على غيره، وهو يعرفها. ولذلك جرى كلامه هذا مجرى المثل، حتى قالوا: «قضية ولا أبا حسن لها» ، أي هذه قضية مشكلة وليس هناك من يبينها، كما كان يفعل أبو الحسن رضي الله تعالى عنه، الذي هو علي بن أبي طالب.

[القرة:]

بالضم الضفدعة قاله الجوهري رحمه الله تعالى.

[القسورة:]

الأسد، قال الله تعالى: كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ

«٢» . روى البزار بإسناد صحيح عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، أنه قال: القسورة الأسد، قال الشاعر:

مضمر يحذره الأبطال ... كأنه القسورة الرئبال

وروى ابن طبرزذ، بإسناده إلى الحكم بن عبد الله بن خطاب عن الزهري عن أبي واقد، قال: لما نزل عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه الجابية، أتاه رجل من بني تغلب، يقال له روح بن حبيب بأسد في تابوت، حتى وضعه بين يديه، فقال رضي الله تعالى عنه: أكسرتم له نابا أو مخلبا؟

قالوا: لا. قال: الحمد لله سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما صيد مصيد إلا بنقص في تسبيحه» .

يا قسورة اعبد الله، ثم خلى سبيله.

وقد تقدم في باب الغين المعجمة، أنه روي عن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه مثل ذلك في الغراب. وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في القسورة: هو بلسان العرب الأسد، وبلسان الحبشة القسورة، وبلسان فارس سير، وبلسان النبط أرنا. وقيل القسورة فعولة من القسر، وهو القهر، سمي الأسد بذلك لأنه يقهر السباع، وقال ابن جبير: القسورة رجال القنص، وقيل القسورة الرجال الشداد، وقال ثعلب: القسورة سواد أول الليل خاصة لا آخره، والمعنى فرت من ظلمة الليل ولا شيء أشد نفارا من حمر الوحش. واللفظة مأخوذة من القسر الذي هو الغلبة والقهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>