ومن أحكامها أنه لا يجوز عتقها على الأصح، وقيل: يجوز لما روى الحافظ أبو نعيم عن أبي الدرداء، أنه كان يشتري العصافير من الصبيان، ويرسلها. قال ابن الصلاح: والخلاف فيما يملك بالاصطياد، أما البهائم الأنسية فإن أعناقها من قبيل سوائب الجاهلية وذلك باطل قطعا وقال الشيخ أبو اسحاق الشيرازي، في كتاب عيون المسائل، أن ذرق العصافير غير معفو عنه والمشهور أن فيه الخلاف الذي في بول يؤكل لحمه.
[الأمثال]
: قالوا: «أخف حلما من عصفور»«١» . قال «٢» حسان رضي الله تعالى عنه:
لا بأس بالقوم من طول ومن عظم ... جسم البغال وأحلام العصافير
وقال قعنب:
إن يسمعوا ريبة طاروا بها فرحا ... مني وما سمعوا من صالح دفنوا
مثل العصافير أحلاما ومقدرة ... لو يوزنون برقّ الريش ما وزنوا
وقالوا:«صاحت عصافير بطنه» إذا جاع. قال الأصمعي: العصافير هنا الأمعاء. قال الجوهري:
والمصير المعي وهو فعيل، والجمع المصران، مثل رغيف ورغفان، ثم المصارين جمع الجمع. ونقله في المحكم، عن سيبويه، سميت مصارين لصيرورة الطعام فيها. وقالوا:«أسفد من عصفور»«٣» .
[الخواص]
: لحم العصافير حار يابس، أصلب من لحم الدجاج، وأجودها الشتوية السمان، وأكلها يزيد في المني والباه، لكنه يضر أصحاب الرطوبات الأصلية، ويدفع ضررها دهن اللوز، وهي تولد خلطا صفراويا، يوافق من الإنسان الشيوخ. ومن الأمزجة الباردة ومن الأزمان الشتاء.
قال المختار بن عبدون: يكره أكل لحم العصافير لأن اليسير من عظامها إذا سبق في أكل شيء منها أحدث شحما في المريء والمعي، وإذا اتخذ من فراخها عجة بالبيض والبصل، زادت في الباه وأمراقها تحل الطبع، ولحومها تعقله، ولا سيما إذا كانت مهزولة هزالا فاضحا. وأضر العصافير ما سمن في البيوت وقال غيره: إذا أخذ دماغ العصفور، وأضيف إلى ماء السذاب، وشيء من عسل، وشرب على الريق، فإنه نافع لأوجاع البواسير. وإذا خلط ذرق العصافير بلعاب الإنسان، وطلي به على الثآليل قلعها، مجرب. وإذا أخذ عصفور وذوب دماغه بشيرج، وسقي لمن يحب شرب النبيذ، فإنه يبغضه وهو عجيب مجرب. وإذا أكل عصفور الشوك مشويا ومملوحا فتت الحصى الذي في المثانة والكلى. وقال مهراريش: إذا ذبح العصفور، وقطر دمه على دقيق العدس، وجعل بنادق وجفف، فإنه يهيج الباه وإذا أخذت منه بندقة، وخلطت بزيت وطلي بها الا حليل، ولا يطأ على الأرض فإنه يطأ ما شاء.
[فائدة]
: قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: أربعة أشياء تزيد في الجماع: أكل العصافير،