فيه حركته وتضع الإناث حينئذ. وإذا جثم في مكان لا يتحرك منه إلى أن يمضي عليه أربعة عشر يوما، وبعد ذلك يتدرج في الحركة. والأنثى إذا انهزمت دفعت جراءها بين يديها، فإذا اشتد خوفها عليها صعدت بها الأشجار. وفي طبعه فطنة عجيبة لقبول التأديب، لكنه لا يطيع معلمه إلا بعنف وضرب شديد.
[وحكمه:]
تحريم الأكل لأنه سبع يتقوى بنابه. وقال الإمام أحمد: إن لم يكن له ناب فلا بأس به، لأن الأصل الإباحة، ولم يتحقق وجود المحرم.
[فائدة:]
قال الإمام أبو الفرج بن الجوزي في آخر الأذكياء «١» : هرب رجل من أسد، فوقع في بئر، فوقع الأسد خلفه، فإذا في البئر دب، فقال له الأسد: منذ كم لك ههنا؟ قال: منذ أيام، وقد قتلني الجوع. فقال: له الأسد: أنا وأنت نأكل هذا الإنسان وقد شبعنا، فقال له الدب فإذا عاودنا الجوع ما نصنع؟ وإنما الرأي أن نحلف له، أنا لا نؤذيه ليحتال في خلاصنا وخلاصه، فإنه على الحيلة أقدر منا فحلفا له فتشبث حتى وجد نقبا فوصل إليه، ثم إلى الفضاء فتخلص وخلصهما. ومعنى هذا أن العاقل لا يترك الحزم في كل أموره، ولا يتبع شهوته لا سيما إذا علم أن فيها هلاكه بل ينظر في عاقبة أمره ويأخذ بالحزم في ذلك. وحكى القزويني في عجائب المخلوقات أن أسدا قصد إنسانا فهرب والتجأ إلى شجرة، فإذا على بعض أغصانها دب يقطف ثمرتها، فلما رأى الأسد أنه فوق الشجرة، جاء وافترش تحتها ينتظر نزول الإنسان. قال: فنظرت إلى الدب، فإذا هو يشير بإصبعه إلى فيه، أن اسكت لئلا يعرف الأسد أني هنا. قال: فبقيت متحيرا بين الأسد والدب، وكان معي سكين صغير فأخرجته وقطعت بعض الغصن الذي عليه الدب حتى إذا لم يبق منه إلا اليسير سقط الدب بسبب ثقله فوثب الأسد عليه وتصارعا زمانا ثم غلبه الأسد فافترسه ورجع عني.
[الأمثال:]
تقدم أنهم قالوا:«أحمق من جهبر» . وهي أنثى الدب. وأما قولهم «٢» : «ألوط من دب» . فهو رجل من العرب كان يتجاهر بعمل ذلك. وأما قولهم «٣» : «ألوط من ثفر» ، فإنما قالوه لأن الثفر لا يفارق دبر الدابة، وقولهم «٤» : «ألوط من راهب» . هذا من قول الشاعر:
وألوط من راهب يدّعي ... بأن النساء عليه حرام
[الخواص:]
نابه يلقى في لبن المرضعة ويسقاه الصبي تنبت أسنانه بسهولة. وشحمه يزيل البرص طلاء، وإذا شدت عينه اليمنى في خرقة، وعلقت على عضد إنسان لم يخف السباع، وإن علقت على من به الحمى الدائمة ابرأته، ومرارته إذا اكتحل بها مع العسل وماء الرازيانج اذهبت ظلمة البصر، وإذا طلي بذلك موضع داء الثعلب، أنبت الشعر فيه، وإذا شرب من مرارته وزن دانقين بعسل وماء حار، نفع الرئة والبواسير وطرد الرياح. وإذا ربطت مرارته على فخذ الرجل اليمنى جامع ما شاء ولا يضره، ودمه إذا