قال ابن عبد البر وغيره: كلم الذئب من الصحابة ثلاثة: رافع بن عميرة وسلمة بن الأكوع وأهبان بن أوس الأسلمي رضي الله تعالى عنهم. قال: ولذلك تقول العرب: هو كذئب أهبان يتعجبون منه، وذلك أن أهبان بن أوس المذكور كان في غنم له فشد الذئب على شاة منها فصاح به أهبان فأقعى الذئب وقال: أتنزع مني رزقا رزقنيه الله تعالى؟ فقال أهبان: ما سمعت ولا رأيت أعجب من هذا ذئب يتكلم، فقال الذئب: أتعجب من هذا! ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين هذه النخلات وأو مأ بيده إلى المدينة يحدث بما كان وبما يكون، ويدعو الناس إلى الله وإلى عبادته وهم لا يجيبونه، قال أهبان بن أوس: فجئت النبي صلى الله عليه وسلم وأخبرته بالقصة وأسلمت، فقال لي:«حدث به الناس» . قال عبد الله بن أبي داود السجستاني الحافظ فيقال لأهبان: مكلم الذئب ولأولاده أولاد مكلم الذئب، ومحمد بن الأشعث الخزاعي من ولده واتفق مثل ذلك لرافع بن عميرة وسلمة بن الأكوع انتهى. وقال البخاري «١» : أنبأنا شعيب عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «بينما راع في غنمه إذا عدا عليها الذئب فأخذ منها شاة، فطلبه الراعي فالتفت إليه الذئب، وقال: من لها يوم السبع يوم لا راعي لها غيري. وبينما رجل يسوق بقرة قد حمل عليها، فالتفتت إليه وكلمته فقالت: إني لم أخلق لهذا ولكني خلقت للحرث. فقال الناس: سبحان الله ذئب يتكلم، وبقرة تتكلم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم آمنت بذلك أنا وأبو بكر وعمر؟ قال ابن الأعرابي: السبع بسكون الباء الموضع الذي عنده المحشر يوم القيامة. أراد من لها يوم القيامة. وقيل: هذا التفسير يفسد بقول الذئب في تمام الحديث يوم لا راعي لها غيري، والذئب لا يكون لها راعيا يوم القيامة. وقيل أراد من لها يوم الفتن حين يتركها الناس هملا لا راعي لها نهبة للسباع والذئاب، فجعل السبع لها راعيا إذ هو منفرد بها.
ويكون حينئذ بضم الباء. وهذا انذار ربما يكون من الشدائد والفتن التي تأتي حتى يهمل الناس فيها مواشيهم وتتمكن منها السباع بلا مانع. وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى «٢» يوم السبع عيد كان لهم في الجاهلية يشتغلون فيه بلهوهم ولعبهم وأكلهم فيجيء الذئب فيأخذها وليس هو بالسبع الذي يفترس الناس. قال: وأملاه أبو عامر العبدي الحافظ بضم الباء وكان من العلم والاتقان بمكان. وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «٣» : «كانت امرأتان معهما ابناهما إذ جاء الذئب فذهب بابن أحداهما، فقالت هذه لصاحبتها: إنما ذهب بابنك أنت وقالت الأخرى إنما ذهب بابنك، فتحاكما إلى داود عليه الصلاة والسلام فقضى به للكبرى، فخرجتا على سليمان فأخبرتاه بذلك فقال سليمان عليه الصلاة والسلام: ائتوني بالسكين أشقه بينكما نصفين فقالت الصغرى: لا ويرحمك الله هو ابنها فقضى به للصغرى» . قال أبو هريرة