للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غذيت بدرّها وربيت فينا ... فمن أنباك أن أباك ذيب

إذا كان الطباع طباع سوء ... فليس بنافع فيها الأديب

وهو إذا خافه إنسان طمع فيه، وإذا طمع الإنسان فيه خافه، ويقطع العظم بلسانه ويبريه بري السيف، ولا يسمع له صوت، ويقال: عوى الذئب، كما يقال عوى الكلب قال الشاعر: «١»

عوى الذئب فاستأنست للذئب إذ عوى ... وصوّت إنسان فكدت أطير «٢»

وقال آخر:

ليت شعري كيف الخلاص من النا ... س وقد أصبحوا ذئاب اعتداء

قلت لما بلاهم: صدق خبري ... رضي الله عن أبي الدرداء

أشار إلى قول أبي الدرداء: إياكم ومعاشرة الناس فإنهم ما ركبوا قلب امرىء إلا غيروه، ولا جواد إلا عقروه، ولا بعيرا إلا أدبروه. وروى السهيلي، في الكلام على غزوة أحد، في حديث مسند، أنه قال: لما ولد عبد الله بن الزبير نظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: «هو هو ورب الكعبة» . فلما سمعت أمه أسماء ذلك أمسكت عن ارضاعه، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «أرضعيه ولو بماء عينيك، كبش بين ذئاب عليها ثياب ليمنعن البيت أو يقتلن دونه» «٣» . وروى ابن ماجه والبيهقي عن كعب بن مالك، وقال: حديث صحيح حسن، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما ذئبان جائعان أرسلا في زريبة غنم، بأفسد لها من حرص الرجل على المال والشرف لدينه وقد نص الله تعالى على ذم الحرص بقوله: وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ

«٤» وروى ابن عدي عن عمرو بن حنيف عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أدخلت الجنة فرأيت فيها ذئبا، فقلت:

أذئب في الجنة؟ فقال: أكلت ابن شرطي» . قال ابن عباس: هذا وإنما أكل ابنه فلو أكله رفع في عليين. وقد رأيته كذلك في تاريخ نيسابور للحاكم في ترجمة شيخه علي بن محمد بن إسماعيل الطوسي وهو حديث موضوع.

وروى الحاكم في مستدركه بإسناد على شرط مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال: بينما راع يرعى بالحرة، إذ عدا الذئب على شاة فحال الراعي بينه وبينها فأقعى الذئب على ذنبه، وقال: يا عبد الله تحول بيني وبين رزق ساقه الله إلي! فقال الرجل: واعجبا ذئب يكلمني! فقال الذئب: ألا أخبرك بأعجب مني، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الحرتين يخبر الناس بأنباء ما قد سبق، فزوى الراعي شياهه إلى زاوية من زوايا المدينة، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال «٥» : «صدق والذي نفسي بيده» .

<<  <  ج: ص:  >  >>