باب الغين المعجمة في لفظ الغول حديث أبي هريرة وحديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله تعالى عنهما في ذلك إن شاء الله تعالى.
[مسألة:]
يصح انعقاد الجمعة بأربعين مكلفا سواء كانوا من الجن أو من الإنس أو منهما قاله القمولي. لكن نقل الشيخ أبو الحسن محمد بن الحسين الآبري في مناقب الشافعي رضي الله تعالى عنه التي ألفها عن الربيع أنه قال: سمعت الشافعي رضي الله تعالى عنه يقول: من زعم، من أهل العدالة، أنه يرى الجن، ردت شهادته وعزر، لمخالفته لقوله «١» تعالى إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ
إلا أن يكون الزاعم نبيا ونظير هذا قول الشيخ محيي الدين النووي رحمه الله تعالى في الفتاوى: من منع التفضيل بين الأنبياء يعزر لمخالفته القرآن. ويحمل قول الشافعي رحمه الله على من ادعى رؤيتهم على ما خلقوا عليه ويحمل كلام القمولي على ما إذا تصوروا في صورة بني آدم، كما تقدم قريبا.
واعلم أن المشهور أن جميع الجن من ذرية ابليس، وبذلك يستدل على أنه ليس من الملائكة لأن الملائكة لا يتناسلون، لأنهم ليس فيهم إناث. وقيل: الجن جنس، وابليس واحد منهم ولا شك أن الجن ذريته، بنص القرآن، ومن كفر من الجن يقال له شيطان. وفي الحديث:«لما أراد الله أن يخلق لأبليس نسلا وزوجة ألقى عليه الغضب، فطارت منه شظية من نار فخلق منها امرأته» . ونقل ابن خلكان في تاريخه في ترجمة الشعبي واسمه عامر أنه قال: إني لقاعد يوما إذ أقبل حمال ومعه دن، فوضعه ثم جاءني فقال: أنت الشعبي؟ فقلت: نعم. قال: أخبرني هل لأبليس زوجة؟ فقلت: إن ذلك العرس ما شهدته! قال: ثم ذكرت قوله «٢» تعالى: أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي
فقلت: إنه لا تكون ذرية إلا من زوجة، فقلت: نعم. فأخذ دنه وانطلق، قال: فرأيت أنه مجتاز بي وروى أن الله تعالى قال لأبليس: لا أخلق لآدم ذرية إلا ذرأت لك مثلها، فليس من ولد آدم أحد إلا وله شيطان قد قرن به، وقيل: إن الشياطين فيهم الذكور والإناث، فيتوالدون من ذلك، وأما ابليس فإن الله تعالى خلق له في فخذه اليمنى ذكرا وفي اليسرى فرجا فهو ينكح هذا بهذا فيخرج له كل يوم عشر بيضات، يخرج من كل بيضة سبعون شيطانا وشيطانة، وذكر مجاهد أن من ذرية إبليس لا قيس وولهان، وهو صاحب الطهارة والصلاة والهفاف. وهو صاحب الصحارى ومرة وبه يكنى وزلنبور، وهو صاحب الأسواق يزين اللغو والحلف الكاذب، ومدح السلعة، وبثر وهو صاحب المصائب، يزين خمش الوجوه ولطم الخدود ودوشق الجيوب، والأبيض وهو الذي يوسوس للأنبياء عليهم السلام، والأعور وهو صاحب الزنا ينفخ في احليل الرجل وعجز المرأة، وداسم وهو الذي إذا دخل الرجل بيته ولم يسلم ولم يذكر اسم الله تعالى دخل معه ووسوس له فألقى الشر بينه وبين أهله، فإن أكل ولم يذكر اسم الله أكل معه، فإذا دخل الرجل بيته ولم يسلم ولم يذكر اسم الله تعالى ورأى شيئا يكرهه وخاصم أهله فليقل داسم داسم أعوذ بالله منه، ومطوس وهو صاحب الأخبار يأتي بها فيلقيها في أفواه الناس، ولا يكون لها أصل ولا حقيقة، والاقنص وأمهم طرطبة، وقال النقاش: بل هي حاضنتهم